عربي وعالمي

التيليجراف:التحول العربي في الموقف من حماس… نهايه دعمها ام بداية مرحلة جديدة ؟

"التحول العربي تجاه حماس: بين الإستراتيجية والأيديولوجيا"

شهد الموقف العربي من حركة حماس تحوّلًا جذريًا خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما وصفه ريتشارد كيمب، الضابط البريطاني السابق والمحلل الأمني، بأنه “سابقة تاريخية”. ففي تطور غير مسبوق، دعا جميع أعضاء جامعة الدول العربية الـ22 إلى إنهاء حكم حماس في غزة وتسليم سلاحها، معتبرين أن وجود الحركة بات تهديدًا مباشرًا لأمنهم القومي، وليس فقط لإسرائيل. هذا التغير يعكس قلقًا متزايدًا لدى العواصم العربية من النفوذ الإيراني في المنطقة، حيث تُعتبر حماس أحد أبرز وكلاء طهران في الساحة الفلسطينية، إلى جانب ارتباطها الأيديولوجي بجماعة الإخوان المسلمين التي تُصنَّف كجماعة محظورة في العديد من الدول العربية. المقال يوضح أن هذا التحول ليس حبًا في إسرائيل، بل نتيجة لإدراك إستراتيجي بأن استمرار حماس يُعرقل الاستقرار الإقليمي ويُهدد تطبيع العلاقات مع تل أبيب، خاصة بالنسبة لدول مثل السعودية والإمارات والأردن التي قدمت دعمًا عسكريًا لإسرائيل ضد الهجمات الإيرانية في عام 2024.

 

التحول العربي… دعم خفي لإسرائيل رغم الانتقادات العلنية

يشير كيمب في مقاله إلى مفارقة واضحة: فبينما تُدين الدول العربية علنًا العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، إلا أن دعمها الميداني والعسكري لإسرائيل في الحرب ضد حماس وإيران كان ملموسًا. فالسعودية، الأردن، والإمارات ساهمت بشكل مباشر في اعتراض صواريخ ومسيّرات إيرانية استهدفت إسرائيل في العام الماضي، وهو أمر لم يكن يُتصور قبل سنوات. كما قدمت بعض الدول العربية الأخرى دعمًا استخباراتيًا وعسكريًا سريًا خلال الحرب الجارية، على حد وصف الكاتب. هذا التعاون لم يُترجم إلى تطبيع رسمي بعد، لكن إعلان “نيويورك” الذي صدر عن مؤتمر وزاري في الأمم المتحدة بدعم فرنسي-عربي، حمل إشارات واضحة إلى نية هذه الدول في المضي نحو التطبيع في حال تحقيق تقدم حقيقي في مسار “حل الدولتين”، وهو ما تُعارضه إسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء.

 

إعلان نيويورك… طموحات سياسية محفوفة بالمخاطر

رغم أن إعلان نيويورك وصف حماس صراحة بأنها العقبة الأساسية أمام السلام، إلا أنه تضمّن انتقادات حادة لإسرائيل بسبب سلوكها في غزة والضفة الغربية، وأعاد التأكيد على حق الفلسطينيين في “العودة” وقيام “دولة مستقلة ديمقراطية”، بحسب تعبير البيان. لكن كيمب يرى في ذلك تناقضًا داخليًا؛ إذ كيف يُمكن تأسيس دولة ديمقراطية في ظل وجود محمود عباس الذي ما زال يحكم منذ 19 عامًا دون انتخابات؟ وهل تسمح الديمقراطية لحماس، التي تحظى بشعبية كبيرة في الضفة الغربية حسب استطلاعات الرأي، بأن تعود إلى السلطة مجددًا بعد كل ما حدث في غزة؟ الكاتب يُحذر من أن الدعوات لقيام دولة فلسطينية في ظل هذه الظروف قد تفتح الباب أمام تكرار “كارثة غزة” في الضفة، بما يُعرّض إسرائيل لخطر وجودي أكبر، حسب وصفه.

 

حماس… بين الرفض الدائم والعزلة المتزايدة

يُذكّر كيمب في مقاله بأن الفلسطينيين رُفضوا جميع العروض التي قُدمت لهم لإقامة دولة مستقلة، بما في ذلك عرض إسرائيلي سابق بالتخلي عن معظم أراضي الضفة الغربية، وبناء نفق يربطها بغزة، والتنازل عن السيادة في القدس الشرقية. وقد رفض الرئيس محمود عباس هذه المقترحات، وما زال يُصرّ على “حق العودة”، الذي يصفه الكاتب بأنه “رمز لإلغاء إسرائيل ديمغرافيًا”. أما حماس، فقد اعتبرت أن إعلان نيويورك واستعداد بعض الدول للاعتراف بدولة فلسطينية، يُعدّ “نصرًا سياسيًا” يُقربها من “التحرير الكامل”، وهو ما عبّر عنه قيادي كبير في الحركة صراحة بعد تصريحات كير ستارمر، زعيم حزب العمال البريطاني.

 

القوات الدولية في غزة… طموح غير واقعي

من بين أبرز نقاط إعلان نيويورك، الدعوة لإرسال قوة دولية إلى غزة بعد الحرب لإدارتها. لكن كيمب يرفض هذا السيناريو، معتبرًا أنه “لا توجد أي تجربة تاريخية ناجحة لقوة دولية حفظت الأمن في نزاع مشابه”. كما يؤكد أن إسرائيل لن تسمح لأي جهة غير جيشها بالسيطرة على الشؤون الأمنية لا في غزة ولا في الضفة، لأن ذلك يُعرّض أمنها القومي للخطر، خصوصًا بعد دروس السابع من أكتوبر 2023. لهذا، يستبعد الكاتب تمامًا إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة في المستقبل المنظور، طالما بقيت إسرائيل متمسكة بسيطرتها الأمنية الكاملة.

 

الخلاصة: الأمن الإسرائيلي فوق كل شيء

يرى كيمب أن على الغرب أن يُدرك أن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ليس قضية “أرض مقابل سلام”، بل هو نزاع أيديولوجي وديني يهدف إلى القضاء على إسرائيل كدولة يهودية. لذلك، فإن المطالبات الغربية والعربية بإقامة دولة فلسطينية دون معالجة البنية الفكرية والعقائدية للحركات المسلحة مثل حماس، هي مطالبات خطيرة قد تُفضي إلى كارثة أمنية جديدة. في هذا السياق، يرى الكاتب أن إسرائيل لا تستطيع أن تُجازف بالبقاء في حالة “تفاؤل ساذج” كما يفعل قادة أوروبا، بل عليها أن تضع أمنها القومي فوق أي اعتبارات سياسية أو دبلوماسية.

اقرا ايضا

اليوم… محكمه الطالبيه تنظر محاكمه متهم بابتزاز الفنان طارق ريحان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى