خسائر فادحة لشركة ستيلانتيس بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة
تأثيرات كارثية للرسوم الجمركية على صناعة السيارات الأوروبية والعالمية

تعكس خسائر “ستيلانتيس” المشهد المتقلب الذي يواجه صناعة السيارات عالميًا، في ظل التحولات الجذرية نحو المركبات الكهربائية، وزيادة الحواجز التجارية، والتحديات الإدارية الداخلية. أعلنت شركة “ستيلانتيس” – المالكة لعلامات تجارية شهيرة مثل “جيب” و”فيات” – عن خسائر صافية متوقعة تُقدر بـ2.3 مليار يورو في النصف الأول من العام، بعد عام فقط من تحقيقها أرباحًا ضخمة وصلت إلى 5.6 مليار يورو لنفس الفترة.
الرسوم الجمركية.. بداية الانهيار
أوضحت “ستيلانتيس” أن الرسوم التي فرضها ترامب هذا العام – والتي بلغت 25% على السيارات المستوردة وأجزائها – تسببت في خسائر مباشرة تُقدر بـ300 مليون يورو، نتيجة انخفاض الإنتاج وتكاليف إضافية على سلاسل التوريد. ولم تكتفِ الشركة بالإشارة إلى تأثير الرسوم، بل صنّفتها كعامل محوري في سحب توجيهاتها المالية لعام 2025.
تكاليف إعادة الهيكلة تُعمّق الجراح
إلى جانب الضغوط التجارية، تكبّدت “ستيلانتيس” 3.3 مليار يورو في صورة رسوم ما قبل الضريبة تتعلق بإعادة هيكلة عملياتها العالمية، في محاولة لإعادة تنظيم الشركة وسط أزمة تراجع الطلب، وارتفاع المخزون، خاصة في السوق الأمريكية.
تغيير القيادة وسط العاصفة
لم تكن الأزمة اقتصادية فقط، بل إدارية أيضًا. فقد غادر الرئيس التنفيذي كارلوس تافاريس منصبه بشكل مفاجئ في ديسمبر الماضي، بعد تدهور كبير في الأداء المالي، مما فاقم حالة عدم اليقين داخل أروقة الشركة. وفي محاولة للسيطرة على الوضع، عُيِّن أنطونيو فيلوسا – الرئيس السابق لقسم أمريكا الشمالية – خلفًا له في مايو، ليستكمل مهمة الإصلاح التي بدأها رئيس مجلس الإدارة المؤقت جون إلكان، الذي بقي في منصبه كمراقب للمشهد.
أوروبا تُخيّب آمال “ستيلانتيس”
بعيدًا عن الضغوط الأمريكية، تعاني الشركة أيضًا من تراجع كبير في الطلب على السيارات داخل أوروبا، خاصة في ظل استمرار حالة الغموض السياسي في الأسواق التقليدية للشركة، مثل فرنسا وإيطاليا. وتكافح “ستيلانتيس” لتصريف فائض ضخم من السيارات، وسط ضعف في القوة الشرائية وتزايد المنافسة.
التخبط في التوجيه المالي.. مؤشر مقلق
في خطوة تُبرز حجم الأزمة، كانت “ستيلانتيس” من أوائل شركات السيارات التي قررت سحب توقعاتها المالية لهذا العام، نتيجة عدم وضوح مستقبل التجارة الدولية بسبب سياسات ترامب، التي تهدد بإطلاق سلسلة من “الرسوم المتبادلة” على جميع أشكال التبادل التجاري تقريبًا.
بيانات استباقية لامتصاص الصدمة
وفي محاولة لتهدئة الأسواق، أصدرت الشركة بيانات مالية أولية قبل أسبوع من إعلان نتائجها الرسمية، بهدف توضيح الفارق الكبير بين أدائها الفعلي وتوقعات المحللين، خاصة في ظل غياب أي توجيه مالي. لكن رغم ذلك، هبطت أسهم الشركة بنسبة 2% خلال تعاملات صباح الاثنين.
خلاصة المشهد: عاصفة متعددة المحاور
تعكس خسائر “ستيلانتيس” المشهد المتقلب الذي يواجه صناعة السيارات عالميًا، في ظل التحولات الجذرية نحو المركبات الكهربائية، وزيادة الحواجز التجارية، والتحديات الإدارية الداخلية. وإذا لم تنجح الشركة في تجاوز هذه المرحلة الحرجة، فقد تكون خسارة هذا العام مجرد بداية لأزمة أعمق تضرب أحد أضلاع الصناعة الأوروبية الأكثر أهمية.