حوادث وقضايا

تعرف على قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية وأهم مواده وعقوباته المفروضة

الجرائم الإلكترونية تهدد الأفراد والدول: كيف تحمي نفسك من الاختراقات؟

في عصر يتشكل على إيقاع التكنولوجيا، لم تعد الجرائم تُرتكب في زوايا الشوارع أو الأزقة المظلمة، بل باتت تُنفذ من خلف شاشات مضيئة، بأدوات رقمية لا تُرى، وأسماء مستعارة يصعب التحقق منها. لقد أصبحت الجريمة الإلكترونية واحدة من أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة، لا بسبب أدواتها فقط، بل لقوة تأثيرها واتساع نطاق ضحاياها.

لم تعد ضغطة زر أمرًا بسيطًا، فقد تؤدي إلى انهيار مؤسسة، أو تسريب بيانات شخصية، أو ابتزاز أفراد وتلويث سمعتهم. من اختراق الحسابات المصرفية، إلى السيطرة على أنظمة الشركات الكبرى، مرورًا بنشر الشائعات، وبث خطاب الكراهية، وانتحال الشخصيات، كلها صور لجرائم رقمية تتغلغل في حياتنا اليومية دون أن نشعر.

جريمة من خلف الشاشة

ما يُميز هذا النوع من الجرائم هو أنه لا يتطلب وجودًا ماديًا للمجرم في مسرح الجريمة. فيكفي أن يكون على اتصال بالإنترنت، مزودًا ببعض المهارات التقنية، ليبدأ في تنفيذ مخططاته، التي قد تُربك حسابات الأمن القومي، أو تهدد خصوصية آلاف الأفراد. المجرم هنا قد لا يغادر غرفته، ومع ذلك يستطيع أن يزرع الذعر في قلوب الضحايا، أو يختلس أموالهم، أو يدمر سمعتهم أمام العالم.

خطورة هذه الجرائم تكمن في سهولة تنفيذها نسبيًا، وصعوبة تعقب مرتكبيها. تقنيات مثل التشفير، والشبكات المظلمة، وبرامج إخفاء الهوية، تجعل من مهمة ملاحقة الجناة أمرًا معقدًا، حتى بالنسبة لأجهزة إنفاذ القانون المتقدمة. وغالبًا ما تُدار تلك العمليات من دول مختلفة، مما يفتح الباب لتعقيدات قانونية وجغرافية تعيق عملية المحاسبة.

رد الدولة: القانون يلاحق الجريمة الرقمية

ولم تقف الدولة المصرية مكتوفة الأيدي أمام هذا التهديد المتنامي. ففي عام 2018، صدر قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175، الذي يُعد إطارًا قانونيًا لتنظيم التعامل مع الجرائم الرقمية. القانون ينص على مجموعة من العقوبات التي تتدرج بحسب طبيعة الجريمة وخطورتها، وتصل إلى الحبس والغرامات المالية الباهظة.

فعلى سبيل المثال، يُعاقب كل من يخترق حسابًا إلكترونيًا أو موقعًا خاصًا بالسجن مدة لا تقل عن عامين. وفي حال تسبب هذا الاختراق في أضرار تتعلق بالأمن القومي أو المصالح العامة، ترتفع العقوبة إلى السجن المشدد، مع مضاعفة الغرامات.

كما يجرّم القانون أفعالًا مثل التنصت على الرسائل الخاصة، أو نشر محتوى كاذب يسيء إلى سمعة الأشخاص أو يُحرّض على العنف، بالإضافة إلى جرائم الاحتيال الإلكتروني، وانتحال الهوية، والإضرار بالأنظمة المعلوماتية.

وعي مجتمعي ضرورة لا بديل عنها

رغم وجود الإطار القانوني، إلا أن حماية المجتمع من الجرائم الإلكترونية لا تقتصر على العقوبات. الوعي المجتمعي يمثل خط الدفاع الأول. فالمستخدم العادي يحتاج إلى معرفة أساسية حول تأمين حساباته، والتمييز بين الروابط الموثوقة وتلك المشبوهة، وعدم مشاركة بياناته الشخصية بسهولة.

المدارس، والمؤسسات، ووسائل الإعلام، عليها دور محوري في تعزيز ثقافة الأمن الرقمي، وإرشاد الناس إلى التعامل الذكي والآمن مع الفضاء الإلكتروني، الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا.

يارا حمادة

صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى