خطه بوتين ضد الجناح الشرقي للناتو: استفزاز ام اختبار دفاعي ؟

تشير التطورات الأخيرة على الحدود البولندية إلى أن موسكو ترفع منسوب المخاطر على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مستخدمة الطائرات المسيّرة كسلاح مزدوج: أداة للاستفزاز العسكري ووسيلة لاختبار جاهزية الدفاعات الغربية. حادثة اختراق 19 مسيّرة روسية للأجواء البولندية لم تكن مجرد خرق عرضي، بل بدت بمثابة بروفة متعمدة لقياس ردود فعل الحلف. ولأول مرة منذ اندلاع الحرب الشاملة على أوكرانيا، وجد الناتو نفسه في مواجهة مباشرة مع روسيا بعد أن اعترضت مقاتلاته بعض هذه الطائرات. وبينما تصف وارسو وحلفاؤها الحادث بأنه “تصعيد خطير”، يراه مراقبون جزءًا من خطة بوتين لاختبار التماسك الأطلسي وإثارة الشكوك داخله.
اختبار لجاهزية الناتو
خبراء عسكريون مثل الجنرال الأمريكي المتقاعد بن هودجز أكدوا أن ما حدث لم يكن صدفة، بل تجربة عملية لقياس قدرات الإنذار المبكر ورد الفعل. فبدلًا من مواجهة مسيّرات زهيدة التكلفة بأنظمة دفاع متوسطة أو قصيرة المدى، اضطر الناتو إلى استخدام مقاتلات متقدمة مثل F-35 الهولندية، ما يبرز اختلال التوازن بين تكلفة الهجوم ورد الفعل.
استفزاز مقصود
وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروزيتو وصف الهجوم بأنه “عمل متعمد” يهدف إلى “الاستفزاز والاختبار” معًا. ورأى أن موسكو تتعمد تصعيد التوتر دون نية للتوصل إلى هدنة أو تسوية، مستغلة أدوات الضغط غير التقليدية مثل المسيّرات الرخيصة.
وارسو على خط النار
رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أعلن أن 19 مسيّرة دخلت الأجواء، لكن تم إسقاط أربع فقط تمثل “تهديدًا مباشرًا”. معظم هذه المسيّرات كانت، وفق الجيش البولندي، من طرازات إيرانية التصميم تُستخدم كطُعم لإرهاق الدفاعات الجوية قبل موجات من الهجمات الحقيقية على أوكرانيا.
ثغرة استراتيجية في دفاعات الحلف
الأمين العام للناتو مارك روته أشاد بما سماه “ردًا ناجحًا”، لكنه أقر بأن جناح الحلف الشرقي يحتاج إلى استثمارات ضخمة في منظومات دفاعية متعددة الطبقات. هذه الفجوة تضعف قدرة أوروبا على مواجهة هجمات مماثلة لما تتعرض له أوكرانيا يوميًا.
ارتباط بمناورات “زاباد”
الحادثة تأتي قبل انطلاق مناورات “زاباد 2025” المشتركة بين روسيا وبيلاروسيا، والتي تحاكي الرد على “عدوان من الناتو”. نسخ سابقة من هذه التدريبات تضمنت سيناريوهات لهجوم نووي على وارسو، ما يضاعف القلق البولندي والبَلتِي.
رسائل سياسية وعسكرية
تحليلات أوروبية تشير إلى أن موسكو تسعى من وراء هذه الخطوات لإظهار أنها ما زالت قوة يُحسب لها حساب رغم إخفاقاتها في أوكرانيا، ولإبقاء جيرانها في حالة توتر دائم. كما يحذر مراقبون من أن الهدف الروسي قد يكون زرع الانقسام داخل الناتو بين دعاة التصعيد وأنصار التهدئة.
تصعيد الخطاب الروسي
مؤخرًا، اتهم ديمتري ميدفيديف فنلندا بأنها تسير نحو “مواجهة مفتوحة”، فيما تحدث نيكولاي باتروشيف عن “حرب هجينة” في بحر البلطيق. هذه التصريحات تأتي ضمن حملة دعائية لتبرير أي تحركات لاحقة في المنطقة.
خطر ترسيخ “الوضع الجديد”
كما قال وزير الخارجية الليتواني السابق غابريليوس لاندسبيرغيس، الخطر يكمن في أن تتكرر مثل هذه الاختراقات دون رد حاسم، فيتحول الوجود الروسي داخل أجواء الناتو إلى “واقع مقبول”. وهو ما قد يشجع موسكو على نقل المعركة تدريجيًا إلى أراضي دول الحلف.



