الصحة والتعليم

“الإيدز يعود بقوة”.. تقارير أممية تحذر: تجريم المثليين والفئات الهشة يهدد بانفجار وبائي عالمي

UNAids: العالم يقترب من فقدان فرصة تاريخية لوقف وباء الإيدز

في وقتٍ كان يُعتقد أن العالم يقترب من نهاية وباء الإيدز كتهديد صحي عالمي، تأتي تحذيرات أممية قاتمة: الجهود لعلاج ووقف انتشار الفيروس تواجه نكسة تاريخية بفعل موجة تجريم جديدة للفئات الأكثر عرضة للإصابة، مقترنة بقطع تمويل أمريكي حيوي.

تقرير جديد صدر عن برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز (UNAids)، يرسم ملامح أزمة متصاعدة تهدد عقودًا من التقدم الطبي والإنساني، وسط تصاعد التشريعات العقابية ضد المثليين ومتعاطي المخدرات والعاملين بالجنس، وتراجع التمويل الدولي، لا سيما من الولايات المتحدة.

العودة إلى القوانين القمعية: موجة تجريم عالمية

لأول مرة منذ بدء رصد القوانين العقابية قبل عشر سنوات، يُسجّل ارتفاع بعدد الدول التي تجرّم النشاط الجنسي المثلي والتعبير الجندري:

مالي: أدرجت المثلية الجنسية ضمن الجرائم بعد أن كانت تجرّم فقط “الفجور العلني”، ووسعت التجريم ليشمل المتحولين جنسيًا.

ترينيداد وتوباغو: أعادت العمل بقانون استعماري يُجرّم العلاقات المثلية، بعدما ألغي في 2018.

أوغندا: عززت عبر قانون “مكافحة المثلية الجنسية” لعام 2023 القيود والعقوبات، ويجري سن قوانين مماثلة في غانا.

هذه السياسات تأتي في وقت يعتمد فيه ملايين من الأشخاص المعرضين للخطر — مثل الرجال المثليين ومتعاطي المخدرات والعاملين بالجنس — على برامج وقائية وتمويل دولي لضمان الحد الأدنى من العلاج والدعم النفسي والاجتماعي.

ترامب يغلق صنبور التمويل.. وانهيار في الخدمات

مع بداية 2025، نفّذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب تخفيضًا جذريًا ومفاجئًا في تمويل برنامج “بيبفار” (PEPFAR)، وهو حجر الزاوية في تمويل الاستجابة العالمية للإيدز.

في نيجيريا وحدها، تراجعت أعداد من يحصلون على الأدوية الوقائية من 43 ألفًا في نوفمبر 2024 إلى أقل من 6 آلاف فقط في أبريل 2025.

في ليسوتو، اضطرت امرأة مصابة بالإيدز إلى خفض جرعتها الدوائية بعد توقف دعم الوكالة الأميركية للتنمية (USAID).

النموذج الكارثي المتوقع؟

توقف التمويل لمدة عام واحد سيؤدي إلى 700 ألف حالة حرمان من العلاج الوقائي وقرابة 10 آلاف إصابة إضافية بالفيروس خلال 5 سنوات فقط، حسب نمذجة جامعة بريستول.

تقديرات UNAids تشير إلى أن غياب تمويل بديل قد يعني 4 ملايين وفاة إضافية و6 ملايين إصابة جديدة بحلول 2029.

الفئات الأكثر تهميشًا.. دائمًا في الخلف

تشير رئيسة الجمعية الدولية لمكافحة الإيدز، د. بياتريز غرينشتاين، إلى أن “الفئات المفتاحية تُترك دائمًا في الخلف”، مشددة على أن “الوصم والخوف من الملاحقة يحول دون وصولهم للرعاية الأساسية”.

أبرز الفئات المعنية:

الرجال المثليون والعابرون جنسيًا

متعاطو المخدرات

العاملون في تجارة الجنس

نزلاء السجون

غالبًا ما تعتمد هذه الفئات على عيادات مجتمع مدني بتمويل دولي — وهي العيادات التي تُغلق الآن واحدة تلو الأخرى.

هل هناك بصيص أمل؟

رغم الظلامية، أشار التقرير إلى أن 25 من أصل 60 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل تمكنت من رفع إنفاقها المحلي على مكافحة الإيدز حتى 2026.

وتقول ويني بيانيما، المديرة التنفيذية لـUNAids، إن “الاستجابة المستقبلية يجب أن تكون بقيادة وطنية، مستدامة، وشاملة… يجب فصل المساعدات الصحية عن السياسة العقابية.”

خلاصة تحليلية:

تحذير UNAids واضح ومباشر: العالم يقترب من فقدان فرصة تاريخية لوقف وباء الإيدز بحلول 2030. إذا استمرت الموجة العالمية لتجريم المثليين والفئات الهشة، وتواصل النزيف المالي في برامج الوقاية، فسنواجه موجة جديدة من الإصابات والوفيات — موجة لم تعد لها أسباب طبية، بل أسباب سياسية بحتة.

اقرأ أيضًا:

متحور كورونا الجديد “نيمبوس” – NB.1.8.1 يثير القلق عالميًا والصحة العالمية تحذر

 

 

رحمة عماد

صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى