الاقتصاد

الدولار الرقمي يجب أن يعكس القيم الأمريكية

الولايات المتحدة تسعى لتعزيز الدولار الرقمي وتعزيز قيم الحرية الاقتصادية

 يشهد العالم تحوّلًا جذريًا في طبيعة المال وشبكات تبادله، ومعه تجد الولايات المتحدة نفسها أمام سؤال محوري: كيف يمكن الحفاظ على ريادة الدولار، ليس فقط بوصفه عملة، بل كرمز لقيم الحرية الاقتصادية والتعبير المفتوح؟ هذا ما يسعى إليه مشروع “الدولار الرقمي”، الذي يدعو إلى إعادة تصميم الدولار ليتلاءم مع مستقبل يعتمد على شبكات رقمية متعددة وقوية.

 

ففي الأسبوع الماضي، خطا مجلس الشيوخ الأمريكي خطوة مهمة بإقرار مشروع قانون “العبقرية” (Genius Act) لتنظيم العملات الرقمية، خاصة تلك المرتبطة بالدولار والمعروفة باسم “العملات المستقرة”. ويمثل هذا القانون محاولة لوضع أول إطار تنظيمي شامل لهذا النوع من الأصول الرقمية.

 

التكنولوجيا القديمة لا تكفي

 

ورغم أن شبكة الدولار الحالية تعد الأكبر في التاريخ من حيث الانتشار العالمي، إلا أن البنية التحتية التي تقوم عليها أصبحت قديمة، إذ ما زالت تعتمد على تقنيات وأساليب تعود إلى القرن العشرين، تتسم بالبطء والتكلفة العالية والانغلاق. في المقابل، تظهر العملات المستقرة كطبقة تكنولوجية أسرع وأكثر كفاءة، تشبه قطارات فائقة السرعة تسير بجانب قاطرات تعمل بمحركات الديزل البطيئة.

اقرا ايضا:

قائمه تدقيق لاتخاذ قرارات افضل: ثلاث اسئله بسيطه تغير كل شيء 

منافسة عالمية على المال الرقمي

 

لا تقتصر التحديات على الداخل الأمريكي. إذ تعمل مجموعة “بريكس” – التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا – على تقليل اعتمادها على الدولار، وتطوير عملة رقمية خاصة بها. وهو ما يزيد من أهمية تحديث أدوات الدولار وجعلها قادرة على المنافسة ضمن هذا السياق العالمي الجديد.

 

أسئلة ضرورية للمستقبل

 

الكاتب، كريستوفر جيانكارلو، الخبير القانوني والمؤسس المشارك لمشروع الدولار الرقمي، يطرح ثلاث أسئلة جوهرية:

 

كيف نؤمّن الدولار في عالم تسوده الشبكات الرقمية؟

 

كيف نحافظ على مكانته كعملة احتياط عالمية؟

 

وكيف نضمن أن تستمر في تمثيل القيم الأمريكية، مثل حرية التعبير ومقاومة الرقابة؟

 

ويؤكد أن التصميم الجيد للعملات الرقمية لا يجب أن يقتصر على الجوانب التقنية، بل يجب أن يعكس القيم الديمقراطية من خلال الشفافية، والحماية من الرقابة غير المبررة، سواء من الحكومات أو الشركات.

 

الدرس من ولادة الإنترنت

 

في التسعينيات، شاركت الولايات المتحدة مع حلفائها في تشكيل بنية الإنترنت لتكون مفتوحة وتعكس قيم المجتمعات الحرة، من خلال مؤسسات مثل “جمعية الإنترنت” و”مؤسسة أسماء النطاقات”. النتيجة كانت ثورة غيرت الاقتصاد والمجتمع. واليوم، يرى الكاتب أننا نقف أمام ثورة مشابهة: “إنترنت القيمة”، التي تتطلب جهدًا جماعيًا مشابهًا لضمان أن تبقى الولايات المتحدة في الطليعة.

 

القيم هي الرأسمال الحقيقي

 

يؤكد جيانكارلو أن التحديث التكنولوجي ضروري، لكن الأهم منه هو ترسيخ القيم. فإذا صُممت العملات الرقمية بطريقة صحيحة، فلن نحتاج إلى “العصا” لحمايتها، لأن “الجزر” الذي تمثله القيم سيوفر الجاذبية والاستقرار المطلوبين. فالدولار الرقمي ليس مجرد تحديث مالي، بل معركة من أجل روح النظام المالي العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى