استعراض قوة في بكين: الصين تحتفل بذكرى الانتصار على اليابان بحضور قادة معسكر مناهض للغرب

في مشهد يراد له أن يعكس توازنات جديدة في النظام الدولي، تستعد الصين هذا الأسبوع لتنظيم عرض عسكري ضخم في ساحة تيانانمن بالعاصمة بكين، بمناسبة مرور 80 عامًا على هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية. العرض سيشهد مشاركة لافتة لقادة دول تعتبرها بكين شركاء في مواجهة النفوذ الغربي، في مقدمتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، والرئيس الإيراني، إلى جانب وفود من ميانمار، منغوليا، إندونيسيا، زيمبابوي ودول من آسيا الوسطى.
يصف خبراء غربيون هذا التجمع بأنه تعبير عن ما بات يُعرف بـ “محور الاضطراب”، حيث تلاقت مصالح الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا في ملفات تمتد من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط. لكن في بكين، الهدف يتجاوز التضامن السياسي، إذ تسعى القيادة الصينية إلى إبراز قوتها العسكرية كبديل محتمل للهيمنة الغربية على النظام الدولي.
بوتين وشي: تحالف استراتيجي متنامٍ
قبل العرض بساعات، التقى الرئيس الروسي بوتين نظيره الصيني شي جين بينغ، واصفًا إياه بـ “الصديق العزيز”، فيما أكد الزعيمان أن العلاقات بين موسكو وبكين في “أعلى مستوياتها التاريخية”. اللقاء أسفر عن توقيع اتفاق لزيادة صادرات الغاز الروسي إلى الصين بأكثر من 16% سنويًا، في خطوة تُعدّ متنفسًا لموسكو تحت وطأة العقوبات الغربية.
بالتوازي، جاء حضور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لقمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين ليمثل إشارة على تقارب نسبي بين بكين ونيودلهي، رغم التوترات الحدودية والعقوبات الأمريكية الأخيرة على الهند.
استعراض عسكري ورسائل ضمنية
العرض العسكري سيكشف عن أحدث ما وصلت إليه الترسانة الصينية، بما في ذلك مقاتلات الجيل الخامس J-20 والطائرات المسيّرة فرط الصوتية، إلى جانب تكنولوجيا بحرية متقدمة مثل الغواصات غير المأهولة.
يرى مراقبون أن تايوان ستكون الحاضر الغائب في المشهد، إذ تريد بكين من خلال هذا الاستعراض توجيه رسالة واضحة مفادها أن “المقاومة بلا جدوى”. وفي هذا السياق، اعتبر محللون أن الصين تستلهم من الحرب في أوكرانيا دروسًا لبناء استراتيجيات محتملة تجاه الجزيرة التي تصرّ على أنها جزء من أراضيها.
رواية تاريخية ومواجهة سياسية
العرض لا يقتصر على الجانب العسكري، بل يحمل بعدًا دعائيًا وتاريخيًا. ففي خطاباته الأخيرة، شدد شي على أن الصين والاتحاد السوفيتي كانا “ركيزتي” الحرب العالمية الثانية في آسيا وأوروبا، متجاهلًا الدور الأمريكي والأوروبي. إلى جانب ذلك، تروج بكين لأفلام ضخمة تسلط الضوء على مآسي الاحتلال الياباني، بما يعزز الرواية الرسمية للحزب الشيوعي حول دوره في “الانتصار على الفاشية”.
وبينما يصف خبراء العرض بأنه “رد غير مباشر” على العرض العسكري الأمريكي الأخير، فإن بكين تسعى إلى تأكيد مكانتها كقوة عسكرية واقتصادية عالمية، قادرة على جمع خصوم الغرب تحت رايتها، وتقديم نفسها كبديل جيوسياسي في عالم يتجه نحو التعددية القطبية.