عربي وعالمي

أزمة الفرقاطات الأمريكية: مشروع “كونستيليشن” يتعثر في مياهه قبل أن يبحر

مرة أخرى، تجد البحرية الأمريكية نفسها أمام مشروع عسكري واعد تحوّل إلى صداع مزمن، مع تصاعد التأخيرات الفنية والتكاليف الباهظة. فبعد إخفاقات سابقة مثل المدمرات من فئة “زوموالت” وسفن القتال الساحلي (LCS)، يبدو أن برنامج الفرقاطة “كونستيليشن” ينزلق إلى المسار ذاته من التخبط الهندسي والتضخم المالي، ما يثير أسئلة جوهرية عن مدى كفاءة التخطيط الدفاعي الأمريكي، وقدرته على مواكبة تحديات المستقبل، وعلى رأسها سباق التسلح البحري مع الصين.

رغم أن المشروع وُلد من نية استبدال الفرقاطات القديمة من فئة “أوليفر هازارد بيري”، إلا أن السفينة الأولى منه لن ترى النور قبل عام 2029 على الأرجح، بعد أن كانت موعودة بالإبحار في 2026. ومع تصميم غير مكتمل، ووزن يفوق التوقعات، وتعديلات هيكلية أضرت بالأداء، فإن المشروع يواجه احتمال الإلغاء الكامل، أو العودة إلى نقطة الصفر. والأسوأ أن هذه الأزمة تأتي في وقت حرج، حيث تحتاج البحرية الأمريكية بشدة إلى تعزيز أسطولها، تحسبًا لأي مواجهة مرتقبة في المحيط الهادئ.

تأخيرات متراكمة تهدد الجدول الزمني

رغم أن الفرقاطات الجديدة كان من المفترض أن تدخل الخدمة بحلول أبريل 2026، أعلنت البحرية العام الماضي عن تأخير يصل إلى 36 شهرًا. الآن، بات من المرجح ألا تُسلّم أول سفينة قبل عام 2029، ما يشكل فجوة زمنية خطيرة في قدرات الأسطول الأمريكي.

مشكلات فنية تُثقل كاهل التصميم

تقرير صادر عن مكتب المحاسبة الحكومي (GAO) هذا الربيع أشار إلى أن التعديلات الأخيرة على التصميم أدت إلى زيادة في الوزن بنسبة تصل إلى 13%، وهو ما أثّر سلبًا على سرعة الفرقاطة القصوى، وقيّد من قدراتها على حمل أنظمة التسليح والتجهيزات المستقبلية.

مقاربة “التصميم أثناء البناء” تنقلب على نفسها

اعتمدت البحرية في هذا البرنامج على فكرة “التصميم أثناء الإنتاج” لتقليل المخاطر وتسريع التسليم، ولكن التطبيق العملي أثبت فشل الاستراتيجية، حيث ما تزال السفينة الأولى في بدايات بنائها رغم مرور 3 سنوات على توقيع العقد.

تعديلات جذرية أفسدت النموذج الأوروبي

المفترض أن التصميم الأساسي مستمد من الفرقاطة الأوروبية FREMM التي تخدم في أساطيل فرنسا وإيطاليا، لكن المكتب المشرف على المشروع قام بتعديل نحو 85% من التصميم الأصلي، بما في ذلك إطالة الهيكل وتغيير التوزيع الداخلي، ما تسبب في تعقيد غير مبرر وزيادة في التكاليف.

البدء بالبناء دون رسومات نهائية

رغم أن العمل على السفينة الأولى FFG-62 بدأ في أغسطس 2022، إلا أن التصميم الكامل لم يكن قد اكتمل حينها. يشبه الوضع محاولة بناء منزل دون وجود المخططات النهائية، وهو ما تسبب في تأخيرات إضافية وتعديلات متكررة أثناء الإنشاء.

مؤشرات انهيار ثقة في المشروع

حتى أبريل 2025، لم يكتمل من السفينة الأولى سوى 10% فقط، بينما كان من المفترض أن تصل النسبة إلى 85%. كما خُفّض عدد الفرقاطات المطلوبة من 10 إلى 6، في مؤشر واضح على تراجع الحماسة داخل البنتاغون تجاه المشروع.

ميزانية 2026 لا تتضمن أي فرقاطات جديدة

بحسب صحيفة “ماريتايم إكزيكيوتيف”، لم تتضمن ميزانية البحرية للسنة المالية 2026 أي طلبات لفرقاطات من طراز كونستيليشن، ما يُعدّ إشارة سياسية إلى أن المشروع لم يعد يحظى بالأولوية، بل وقد يكون مهددًا بالإلغاء رسميًا.

الضغوط الصينية تُعقّد القرار

رغم التردد الظاهر، فإن القيادة البحرية تواجه ضغطًا لتوسيع حجم الأسطول في مواجهة التصاعد الصيني في المحيط الهادئ. وقد تُضطر الإدارة الأمريكية للتدخل المباشر لتقرير مصير المشروع، في ظل غياب البدائل الجاهزة لاستبدال الفرقاطات القديمة.

ما بعد “كونستيليشن”: العودة إلى FREMM أم البدء من جديد؟

إذا أُقر فشل المشروع رسميًا، يبقى أمام البحرية خياران لا ثالث لهما: العودة إلى تصميم أقرب إلى FREMM الأصلية دون تعديلات كبرى، أو البدء مجددًا من الصفر في تطوير فرقاطة جديدة. وفي الحالتين، يشير الخبراء إلى ضرورة التمهل واستكمال التصميم بالكامل قبل الشروع في البناء، لتفادي تكرار الكارثة.

أقرا أيضاً:

عبد الفتاح الشحات يستقيل من النواب استعدادًا لانتخابات مجلس الشيوخ

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى