الصين تُجمّد واردات خام الحديد من BHP: تصعيد تجاري قد يُعيد رسم خريطة التعدين العالمية

في خطوة مفاجئة تحمل تداعيات اقتصادية وجيوسياسية عميقة، أصدرت السلطات الصينية قرارًا بوقف مؤقت لشراء أي شحنات جديدة من خام الحديد من شركة “BHP” الأسترالية، في ما يبدو تصعيدًا واضحًا للخلافات القائمة بين الجانبين بشأن تسعير هذه المادة الحيوية لصناعة الصلب. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها اختبار جديد للعلاقات التجارية بين أكبر مستهلك ومُصدّر لخام الحديد في العالم
BHP والصين: شراكة تتعرض لضغط غير مسبوق
تُعد شركة BHP واحدة من ثلاث شركات تعدين عملاقة — إلى جانب “ريو تينتو” و”فورتسكو” — تُزود الصين بغالبية احتياجاتها من خام الحديد. وعلى مدى العقدين الماضيين، كانت العلاقات بين الطرفين مبنية على المصالح الاقتصادية المتبادلة. إلا أن صعود الصين كقوة عالمية وسعيها لتقليل اعتمادها على الغرب دفعها إلى إعادة النظر في معادلة هذه العلاقة.
تصعيد تدريجي وقيود مشددة
ووفقًا لمصادر نقلتها وكالة “بلومبرغ”، لم يكن هذا القرار معزولًا، بل جاء بعد سلسلة من القيود التدريجية على الواردات، والتي شملت تشديد الرقابة على الشحنات وتوجيهات شفوية لمصانع الصلب بعدم استلام خامات BHP الجديدة. ويُعتقد أن بكين تسعى من خلال هذه الإجراءات إلى الضغط على الشركة الأسترالية لإعادة النظر في آلية التسعير الفوري، التي تعتبرها الصين غير عادلة وتُعرّض سوقها لتقلبات مفرطة.
أبعاد جيوسياسية تتجاوز الاقتصاد
التوتر بين بكين وكانبيرا لا يقتصر على قطاع التعدين. فقد شهدت العلاقات الثنائية توترات منذ عام 2020 على خلفية ملفات دبلوماسية وأمنية، ما دفع الصين في وقت سابق إلى فرض قيود على صادرات أسترالية أخرى مثل الفحم والنبيذ والشعير. ويبدو أن خام الحديد، الذي طالما كان بمنأى عن هذه النزاعات، أصبح الآن ورقة ضغط جديدة على الطاولة.
مستقبل العلاقات: شبح المواجهة أم فرصة لإعادة التفاوض؟
يبقى من غير الواضح ما إذا كان هذا التجميد مؤقتًا كأداة ضغط تفاوضي، أم أنه مقدّمة لتغيير أعمق في خريطة إمدادات الصين من المعادن. وإذا لم يتم التوصل إلى تفاهم جديد، فقد تتجه بكين نحو تنويع مورّديها من دول مثل البرازيل أو تعزيز استثماراتها في إفريقيا، ما قد يعيد رسم خريطة تجارة الحديد العالمية.



