تقرير تحليلي: السعودية تنتقد فعالية السلاح الليزري الصيني في بيئة الصحراء

في خطوة وُصفت حينها بأنها سابقة، أصبحت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي حصلت على أنظمة دفاع جوي تعتمد على الليزر، عبر شراء منظومة SkyShield الصينية المتكاملة لمواجهة الطائرات المسيّرة. غير أن التجربة التشغيلية في بيئة المملكة الصحراوية القاسية كشفت عن ثغرات جوهرية أثارت جدلاً واسعًا بشأن مستقبل هذا النوع من الأسلحة.
منظومة SkyShield: مزيج من الرادارات والليزر والتشويش
المنظومة الصينية SkyShield صُممت لتعمل كحائط دفاع متكامل ضد الطائرات المسيّرة. تتكون البطارية الواحدة من أربع مركبات:
رادار ثلاثي الأبعاد (TWA Radar) لرصد الأهداف الجوية.
رادار AESA متعدد الألواح بقدرة مسح إلكتروني نشط لتوفير تغطية 360 درجة دون الحاجة إلى دوران.
مركبتان من طراز JN1101 مزودتان بقدرات التشويش والاعتراض الإلكتروني.
نظام Silent Hunter الليزري لتدمير الطائرات المسيّرة مباشرة عبر الطاقة الموجهة.
تكامل هذه المكونات كان يهدف إلى خلق طبقات دفاعية متداخلة تجمع بين “القتل الصلب” (التدمير المباشر) و”القتل الناعم” (التشويش والتعطيل الإلكتروني)، مما جعل المنظومة جذابة في ظل تصاعد تهديد المسيّرات.
دوافع الشراء: حماية الأصول الاستراتيجية
المملكة اشترت SkyShield كجزء من استراتيجيتها الواسعة لحماية مواقع حيوية مثل منشآت الطاقة وأنظمة الدفاع الجوي المتطورة وعلى رأسها بطاريات باتريوت.
وبحسب مصادر عسكرية، فقد جاءت الخطوة استجابة مباشرة للهجمات المتكررة بالطائرات المسيّرة على البنية التحتية النفطية السعودية، والتي كشفت الحاجة الماسة إلى وسائل ردع جديدة قادرة على التعامل مع تهديدات منخفضة الكلفة وسريعة الحركة.
الأداء الميداني: نتائج أقل من التوقعات
رغم أن التجارب الأولية للمنظومة أظهرت نجاحًا ملحوظًا، فإن الظروف الميدانية في السعودية سرعان ما أبرزت ضعفًا في الأداء.
أحد الضباط السعوديين السابقين، ممن شاركوا في تنسيق المشروع، قال إن “الأداء الفعلي كان أدنى بكثير من الوعود الصينية”، مشيرًا إلى أن مكونات المنظومة فقدت فعاليتها في بيئة الصحراء.
الليزر تحت الضغط: قيود بيئية قاتلة
السلاح الليزري Silent Hunter كان محور الآمال في إحداث نقلة نوعية، لكنه واجه عقبات كبيرة:
الغبار والرمال: تسببا في تشويش أنظمة التتبع البصري وإضعاف شعاع الليزر.
الحرارة المرتفعة: أجبرت المنظومة على استهلاك جزء كبير من طاقتها في التبريد بدلاً من إطلاق النار.
تأثيرات ميكانيكية: التعرض المستمر للعوامل الصحراوية أدى إلى تآكل البصريات بمرور الوقت.
البطء في الانتشار: استغرق إخراج المنظومة من حاوياتها وتحويلها للوضع القتالي وقتًا أطول مما يُفترض، ما قلّل من عنصر السرعة.
متطلبات جغرافية: احتاج النظام إلى مساحات مسطحة وواسعة لتأمين خط رؤية مباشر، وهو أمر يصعب توفيره دائمًا.
الضابط نفسه أضاف أن تدمير طائرة مسيّرة واحدة قد استغرق أحيانًا ما بين 15 و30 دقيقة من الاستهداف المستمر، ما يجعل جدوى السلاح محدودة للغاية.
التشويش الإلكتروني: الرهان الأكثر موثوقية
في المقابل، أثبتت عربات التشويش JN1101 فاعلية أكبر في التصدي للمسيّرات. فقد تمكنت من تعطيل وإسقاط غالبية الأهداف ضمن نطاق الحماية، ما جعلها العمود الفقري الحقيقي للمنظومة، على عكس السلاح الليزري الذي ظل يواجه تحديات متكررة.
المراجعة السعودية: مطالب بتحسينات عاجلة
الرياض، بحسب التقارير، طلبت من بكين إدخال تعديلات جوهرية على المنظومة لتناسب الظروف المناخية القاسية في شبه الجزيرة العربية. وحتى يتم ذلك، يبقى السلاح الليزري محدود الفاعلية، ولا يمكن الاعتماد عليه بشكل كامل في مهام الدفاع المستمرة.
دلالات التجربة: بين الوعد والواقع
تكشف التجربة السعودية مع Silent Hunter عن حقيقتين متوازيتين:
الوعد الكبير: الليزر يوفر وسيلة منخفضة الكلفة لإسقاط أهداف متعددة بدقة، ما يجعله مغريًا للدول الباحثة عن بدائل لمنظومات الدفاع الصاروخي باهظة الثمن.
الواقع الصعب: العوامل البيئية، من الغبار إلى الحرارة، تجعل هذه التكنولوجيا غير مستقرة في مناطق معينة مثل الشرق الأوسط.
في المحصلة، ورغم الطموح الذي أحاط بالليزر كسلاح مستقبلي، تؤكد التجربة أن أنظمة الحرب الإلكترونية التقليدية، مثل التشويش، تظل الأكثر فعالية حتى إشعار آخر.