“شيّخوخةعلى طريقتي”.. الغارديان تناقش خدعة “التقدّم في السن برشاقة”
خدعة الشيخوخة برشاقة: كيف تُستخدم المعايير الاجتماعية لتشكيل صورة المرأة

نشرت الكاتبة الأمريكية أشتون أبلوايت مقالاً لافتًا في صحيفة الغارديان البريطانية تناولت فيه بشكل نقدي ومتمرد فكرة “الشيخوخة برشاقة”، ذلك التعبير المتداول الذي يبدو في ظاهره إيجابيًا، لكنه يخفي تحته معاني اجتماعية وجندرية وآيديولوجية معقدة، بل ومزعجة.
حين تتحوّل “الرشاقة” إلى فخ ثقافي
تقول أبلوايت إنها بدأت تتأمل في مفاهيم التقدم في السن قبل 20 عامًا، حين كانت في الخمسينات من عمرها، ووجدت نفسها فجأة وسط موجة من النصائح حول “الشيخوخة الناجحة” أو “الشيخوخة الفاعلة” و”الشيخوخة الرشيقة”. بعض هذه المفاهيم بدا منطقياً، مثل أن تبقى نشيطًا وتتجنب الكسل، لكن بعضها الآخر بدا وكأنه يُحمّلك مسؤولية فشلك في مقاومة مرور الزمن، كما في عبارة “الشيخوخة الناجحة”، التي تسخر منها الكاتبة قائلة: “إذا استيقظت صباحًا فأنت تتقدم في السن بنجاح”.
مصطلح الشيخوخه برشاقه لديها
أما “الشيخوخة برشاقة”، فهي عندها مصطلح مغلف بنوايا حسنة، لكنه في الواقع غارق في الأحكام المسبقة والتوقعات القاسية، خصوصًا تجاه النساء. تشير إلى أن “الرشاقة” هنا ليست فقط بدنية، بل تعبير يُستخدم لتقييد المرأة بطريقة مؤدبة ومخاتلة: أن تتقدمي في العمر، لكن من دون أن تثيري ضجة، أو تشغلي حيزًا، أو تتوقفي عن محاولة الظهور صغيرة!
نفاق ثقافة الجمال والإنكار
أبلوايت توضح أن “الشيخوخة برشاقة” تُمارَس غالبًا كخداع بصري – المطلوب أن تبدي مظهرًا طبيعيًا في حين أنك تخوضين معركة خفية مع البوتوكس، والفيلر، وعمليات الشد والتجميل. تنقل عن خبيرة التجميل جيسيكا ديفينو وصفها لهذا المفهوم بأنه “خبيث بشكل خاص”، لأنه يتطلب جهدًا هائلًا لإخفاء آثار الجهد المبذول لمحاربة مظاهر الشيخوخة.
ثقافه الانكار
وتضيف أن ثقافة الإنكار تزداد ترسخًا، لدرجة أن فتيات صغيرات – كما حدث مع إحدى المؤثرات على تيك توك – ينشرن روتين عناية بالبشرة مدته 25 دقيقة “لإبطاء الشيخوخة”، وعبارة “بوتوكس الأطفال” تنتشر بأكثر من 90 مليون نتيجة على الإنترنت، رغم أنها لا تعني استخدام البوتوكس للأطفال فعليًا!
إزدواجية المعايير ضد النساء
تؤكد الكاتبة أن تعبير “الشيخوخة برشاقة” متحيز جندريًا، فهو يُستخدم ضد النساء بالدرجة الأولى. البحث عن المصطلح على الإنترنت يُظهر وجوهًا نسائية حصريًا تقريبًا، فيما لا يُطلب من الرجال سوى “أن يبقوا نشيطين”، ويُمدحون على “وسامتهم الناضجة” كما في حالة جورج كلوني. أما النساء، فالمعايير ضدهن لا تُطاق، ويُطلب منهن دائمًا التماهي مع معايير لا تنتهي: “كوني جذابة، لكن غير متكلفة. كبيرة، لكن لا تشيخي. مؤثرة، لكن لا ترفضي المعايير”.
بين “الرشاقة” و”العار”
تنتقد الكاتبة أيضًا التمييز ضد الإعاقات في الشيخوخة، وتقول إن استخدام أدوات مساعدة كالعكازات أو الكراسي المتحركة يظل موصومًا اجتماعيًا، ما يدفع الكثير من المسنين إلى البقاء محبوسين في منازلهم بدلًا من طلب الدعم.
البديل الذي تطرحه الكاتبة
فهو ما تسميه “الشيخوخة غير الرشيقة” أو “الشيخوخة المتمردة”، أي أن تعيش عمرك بطريقتك، أن ترفض أن تُخضع ذاتك لمعايير “المناسب لعُمرك”، أن ترتدي ما تحب، وتخرج، وترقص، وتُخطئ، وتقول “لا” بثقة. تستشهد بإيغي بوب وميك جاغر كنموذجين لمسنين لم “يغادروا المسرح بأدب” بل قرروا البقاء تحت الضوء بشروطهم.
في مواجهة خطاب المقاومة
تقول أبلوايت في نهاية مقالها إنها لم تكن يومًا من “الرشيقين”، لكنها اختارت طريقًا مغايرًا: أن ترفض الخطاب السائد الذي يُطالبك بمقاومة الشيخوخة وكأنها مرض. وتختم باقتباس من إحدى صديقاتها:
“كلما واجهنا الحقيقة – أننا جميعًا نتقدم في السن، وأن الموت قادم – كلما شعرنا بالحياة أكثر”.
وهذا، برأيها، هو المعنى الحقيقي للشيخوخة برشاقة.