آدم دور:الثورة الاليه ستقلب سوق العمل رأسا على عقب _والعالم أمام اختبار مصيري
"مستقبل العمل: بين الابتكار والتحديات"

في رؤيته الصادمة لمستقبل البشرية، يقول المستقبلي وعالم الاجتماع آدم دور إن الذكاء الاصطناعي والروبوتات لن يُحدثوا فقط تحولات جذرية في سوق العمل العالمي، بل سيقضون فعليًا على الغالبية العظمى من الوظائف البشرية في غضون عشرين عامًا. فالعالم – كما يحذر دور – لم يعد يمتلك ترف الوقت، وعلى المجتمعات أن تبدأ فورًا في الاستعداد لتغيير “عنيف” في البنية الاقتصادية والاجتماعية كما نعرفها.
البشرية في مرمى نيران التكنولوجيا
يرى آدم دور أن التكنولوجيا باتت تستهدف آخر معاقل الإنسان في الاقتصاد: العمل البشري نفسه. ويؤكد أن التاريخ يعيد نفسه، كما فعلت السيارات بالخيول، والكاميرات الرقمية بشركة كوداك، ستفعل الروبوتات بالعاملين في جميع القطاعات تقريبًا.
“نحن الخيول. نحن الكاميرات الفيلمية”، يقول دور، مشددًا على أن الآلات لن تؤدي المهام فقط بكفاءة مماثلة للبشر، بل بتكلفة أقل كثيرًا، ما يجعل الاستغناء عن الإنسان خيارًا اقتصاديًا بحتًا.
نموذج متكرر عبر التاريخ
استنادًا إلى تحليل أكثر من 1500 تحوّل تكنولوجي عبر آلاف السنين، توصل دور وفريقه في مؤسسة “ريثينك إكس” إلى أن صعود التكنولوجيا الجديدة عادة ما يبدأ ببضع نقاط مئوية في السوق، ثم يكتسح كل شيء خلال 15 إلى 20 عامًا. وفقًا لهذا النموذج، فإن الاجتياح الكامل للذكاء الاصطناعي مسألة وقت لا أكثر، وموعده لن يتجاوز منتصف أربعينيات هذا القرن.
بين الكارثة والتحرر: سيناريوهات ما بعد العمل
رغم تحذيراته الصارخة، يبث دور جرعة من التفاؤل، إذ يرى أن هذا التحول الكاسح قد يؤدي – إذا تم التعامل معه بذكاء – إلى عصر “الوفرة الفائقة” وتحرير الإنسان من أعباء العمل القسري.
لكن في حال فشلت المجتمعات في التأقلم، فإن الفوضى الاقتصادية والتفاوت الاجتماعي المروع سيكونان النتيجة الحتمية. ويضيف:
“لا أملك الإجابات بعد، وربما لا نطرح حتى الآن الأسئلة الصحيحة. لكن علينا أن نبدأ التجريب: نماذج ملكية جديدة، وهياكل شراكة بديلة، وأنظمة توزيع مختلفة.”
الوظائف التي ستصمد – ولكن مؤقتًا
يقر دور بأن بعض المهن التي تتطلب تفاعلًا إنسانيًا مباشرًا – مثل المدربين الرياضيين، السياسيين، العاملين في مجال الجنس، أو فلاسفة الأخلاق – قد تظل صامدة مؤقتًا. لكنها لن تكون كافية لاستيعاب مليارات البشر.
كما يشير إلى مرحلة انتقالية يتعاون فيها البشر مع الآلات – على غرار التعاون السابق بين لاعبي الشطرنج المحترفين وبرامج الكمبيوتر – لكنها لن تدوم طويلًا. فمع تطور الذكاء الاصطناعي، سيكون البشر “عائقًا أكثر من كونهم دعمًا”.
هل يمكن أن نعيش بلا عمل؟
ربما السؤال الأهم الذي يطرحه تقرير دور هو: كيف سنقضي وقتنا في عالم بلا وظائف؟ هنا يستدعي المقارنة مع فئة الأرستقراطيين في الماضي، الذين لم يكونوا مضطرين للعمل، ومع ذلك وجد بعضهم المعنى في العلاقات، والإبداع، وخدمة المجتمع.
ويختم دور بالقول:
“قد يبدو الأمر عاطفيًا أو حتى ساذجًا، لكنني أؤمن بأننا سنجد المعنى في علاقاتنا، وفي الروابط المجتمعية، وربما في إبداعنا… سيكون ذلك التحول أحد أعظم الأحداث في تاريخ البشرية – إذا أحسنا إدارته.”