الاقتصاد

هل تمتلك الصين حقًا القدرة على منافسة مؤسسة بحجم البنك الدولي؟

موقف سياسي اقتصادي بقيادة الصين

 

قال الدكتور اسلام جمال الدين شوقي، الخبير الاقتصادي و عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي ، إن من يتابع المشهد المالي الدولي اليوم، لا يمكن أن يغفل عن الخطوة الجريئة التي أعلنت عنها مجموعة البريكس، حين كشفت عن تأسيس صندوق ضمان استثماري جديد يديره بنك التنمية الجديد (NDB)، ورغم أن الخطوة تبدو تقنية للوهلة الأولى، إلا أنها تحمل في جوهرها محاولة صريحة لكسر احتكار المؤسسات المالية الغربية وعلى رأسها البنك الدولي ووكالاته، في مشهد يعيد تشكيل خريطة التمويل الدولي بعد عقود من القوالب الثابتة.

اقتصادي لـ " العالم في الدقائق"  الصندوق الاستثماري لبريكس خطوة واعدة نحو إعادة تشكيل النظام المالي العالمي

 

موقف سياسي اقتصادي بقيادة الصين

 

وأوضح جمال في تصريحات خاصة لموقع العالم في دقائق ، أن هذا التحرك ليس مجرد توسع مالي بقدر ما هو موقف سياسي اقتصادي صريح تقوده الصين، التي لطالما سعت إلى تقويض هيمنة الدولار، والتحرر من قيود المؤسسات المالية التي ترتبط سياساتها بمعايير سياسية غربية في أغلب الأحيان، وهنا لا يمكن فصل هذه الخطوة عن مشروع الصين الاستراتيجي الأكبر: مبادرة الحزام والطريق، ولا عن بنك الاستثمار في البنية التحتية الآسيوية (AIIB) الذي كانت بكين قد أطلقته من قبل، وجندت له دعمًا دوليًا يفوق التوقعات.

 

هل تمتلك الصين حقًا القدرة على منافسة مؤسسة بحجم البنك الدولي؟

 

وأكد على أن الصين تملك موارد مالية هائلة؛ فهي الشريك الأكبر في صندوق احتياط البريكس، والممول الأساسي لبنك التنمية الجديد، وتملك خبرة متراكمة من إدارة AIIB ومشاريع الحزام والطريق، لكن المال وحده لا يصنع مؤسسات ناجحة، ولا تقوم المؤسسات المالية العالمية على رؤوس الأموال فقط، بل على ثقة الأسواق، وحوكمة متماسكة، وشفافية مطلقة، وخبرة إدارية تمتد لعقود.

موقف سياسي اقتصادي بقيادة الصين

 

وتابع ، أن التحدي الأكبر أمام هذا المشروع: يكمن في هل يمكن لبنك التنمية الجديد وصندوق الضمان الوليد أن يقنعا الدول النامية، وحتى بعض الدول الصاعدة، بأنه البديل الآمن والمستدام عن مؤسسات تقليدية قد نختلف معها، لكنها تمتلك سجلًا مؤسسيًا ضخمًا؟

 

و استكمل كلامه، بأن الأمر لا يبدو بهذه السهولة إذ ما زالت المؤسسات التي تديرها الصين بحاجة لتطوير بنيتها التشريعية، وآليات التقييم، وأنظمة التعامل مع قضايا البيئة والحوكمة الاجتماعية، وهي أمور لم تصل فيها بكين بعد إلى مستوى تنافسي مع البنك الدولي.

و أضاف أن هناك فرصة للنجاح قائمة وهو المهم، وخصوصًا في ظل حالة التململ المتزايد لدى العديد من الدول النامية من هيمنة المؤسسات الغربية، وسلسلة الشروط السياسية والاقتصادية التي ترافق التمويل الدولي، وكثير من هذه الدول باتت تبحث بالفعل عن بدائل مالية محايدة أو أقل ارتباطًا بالإملاءات السياسية.

كما توقع أن صندوق الضمان التابع لبنك التنمية الجديد نجح في إدارة أولى مشاريعه الكبرى بكفاءة وشفافية وبتكلفة تمويل منافسة، فسيمهد الطريق أمام قفزة غير مسبوقة في موازين القوى المالية، أما إن تعثرت هذه التجربة في بداياتها — كما حدث مع تجارب مالية بديلة سابقة في أمريكا الجنوبية وآسيا — فسيبقى البنك الدولي متربعًا، وسيتأجل حلم تعدد الأقطاب المالية لعقدٍ آخر على الأقل.

 

واخنتم حديثه بأن ن الصين تمتلك اليوم ما لم يكن بحوزتها قبل عشرين عامًا: الموارد، الحلفاء، الرؤية، والقدرة على المخاطرة، ويبقى أن يثبت نموذج بريكس المالي الجديد قدرته على فرض معايير تليق بمكانة المؤسسات المالية الكبرى.

نوران الرجال

نوران الرجال باحثة اقتصادية وكاتبة صحفية متخصصة في شؤون النقل البحري والاقتصاد البحري، وتشغل عضوية لجنة النقل البحري بالجمعية العمومية العلمية للنقل. كما تتولى منصب المدير العام لمركز العربي للأبحاث البحرية والاستراتيجية، حيث تسهم في صياغة الرؤى وتقديم الدراسات الداعمة لتطوير قطاع النقل البحري في المنطقة العربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى