الوكالات

ترامب يشعل فتيل حرب تجارية جديدة… والعمالقة الأمريكيون يدفعون الثمن

ضربة موجعة لأبل وبوينغ: هل تنهار العلاقات الاقتصادية بين أمريكا والصين؟

تواجه الشركات الأمريكية في الصين تحديات غير مسبوقة مع تصاعد حدة التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، بحسب تقرير نشرته مجلة The Economist في 15 أبريل 2025. فبعد عقود من الدعم السياسي الذي سهّل توسع العلامات التجارية الأمريكية في السوق الصينية، تعرّضت هذه الشركات الآن لضغوط متزايدة من الجانبين. فرضت إدارة ترامب رسوماً جمركية عالية، بينما ردت الصين بوقف استلام طلبيات من شركات كبرى مثل بوينغ، وفتح تحقيقات رقابية ضد شركات أخرى. في ظل هذا التصعيد، تتضاءل فرص الاستثمار وتتكشف ملامح بيئة اقتصادية أكثر تقلباً وعدائية. وبحسب التقرير، يرى عدد من التنفيذيين الأمريكيين أن هذه المواجهة التجارية تهدد بتقويض إنجازات استُثمرت فيها عقود من العمل والنجاح.

ترامب يعيد رسم المشهد التجاري

فرض الرسوم الجمركية من قبل إدارة ترامب جعل سلاسل التوريد غير مجدية. ورد الصين كان سريعا، إذ أوقفت، في 15 أبريل، هيئة الطيران الصينية تسلّم طائرات بوينغ، في خطوة رمزية قوية.

الرسوم المتبادلة تعمّق الأزمة

أعلنت الولايات المتحدة رسوماً تصل إلى 145% على الواردات الصينية، فيما فرضت الصين رسوماً مضادة بنحو 125%. وفي تطور لافت، أعلنت بكين أنها لن ترد على المزيد من الرسوم، لأن السوق الصيني لم يعد يستقبل المنتجات الأمريكية بسبب ارتفاع الأسعار. إلى جانب ذلك، شنت الجهات الرقابية الصينية حملات تحقيق واستهدفت الشركات الأمريكية بقوانين تقلص قدرتها على العمل داخل البلاد.

الحرب التجارية تهدد الشركات الكبرى

شركات مثل Apple وNike وStarbucks أصبحت جزءاً أساسياً من السوق الصيني، حيث تشكل مبيعات الصين جزءاً كبيراً من إيراداتها. Tesla، على سبيل المثال، باعت نحو 40% من سياراتها في الصين خلال الربع الأول من 2025. ومع تصاعد التوترات، تبدو هذه المكاسب في خطر.

الهروب من الصين: استراتيجية محدودة الجدوى

حاولت بعض الشركات الأمريكية تقليل اعتمادها على الصين منذ الجائحة، عبر تنويع سلاسل التوريد نحو دول مثل فيتنام. لكن حتى هذه البدائل أصبحت مهددة، إذ أفادت تقارير أن فيتنام قد توقف إعادة تصدير السلع الصينية مقابل تخفيض الرسوم الأمريكية.

أدوات الصين الجديدة للردع الاقتصادي

منذ 2019، طورت الصين أدوات قانونية لمواجهة العقوبات، منها قائمة “الكيانات غير الموثوقة” التي تمنع الشركات من العمل أو دخول البلاد. في 2024، استُخدمت هذه الأدوات 115 مرة، مقارنة بـ15 مرة فقط في العام السابق. وفي بداية 2025 وحدها، استُخدمت حوالي 60 مرة.

إشارات جديدة للانتقام الاقتصادي

انتشرت على مواقع التواصل الصينية في 8 أبريل قائمة غير رسمية من ست خطوات انتقامية ضد أمريكا، تشمل حظر الدواجن وفول الصويا الأمريكيين، ووقف التعاون في مكافحة الفنتانيل، وتقليل عدد الأفلام الأمريكية المستوردة، بالإضافة إلى استهداف حقوق الملكية الفكرية والخدمات المهنية الأمريكية مثل المحاماة.

الهجوم على “DuPont” ومخاطر الإضرار بحقوق الملكية

فتحت السلطات الصينية تحقيقاً ضد شركة “DuPont” الأمريكية، مشيرة إلى ممارسات احتكارية غير محددة. يرى بعض المحللين أن التحقيق قد يكون مبرراً لضرب حقوق الملكية الفكرية، مما قد يُنذر بخطر أوسع على الاستثمارات الأجنبية في الصين.

اقرأ ايضًا:

من نبوءة إلى واقع: تقرير إيكونوميست يكشف تحوّل عقيدة إسرائيل الأمنية

الخدمات المهنية في عين العاصفة

القانون، المحاسبة، والبنوك كلها من القطاعات التي بدأت تشعر بالضغوط. فمع تشديد قوانين الأمن القومي وتقييد المعلومات، أُجبرت العديد من مكاتب المحاماة الأمريكية على الإغلاق أو تقليص نشاطها.

ترامب غير متعاطف مع القانونيين الأمريكيين

في الماضي، كانت الحكومة الأمريكية تساند شركاتها القانونية في الخارج. لكن ترامب، الذي يهاجم بشدة مكاتب المحاماة التي سبق وحققت معه، من غير المرجح أن يقدم أي دعم في هذا الصدد.

لعبة التوازن: معاقبة أمريكا دون الإضرار بالصين

رغم الغضب الرسمي، تدرك بكين أن استهداف شركات مثل Apple أو Tesla قد يؤدي إلى تسريح موظفين محليين وضرر في التصنيع. كما أن تحقيقات ضد شركات أمريكية قد تُخيف مستثمرين آخرين، ما يُهدد جهود جذب الاستثمارات الأجنبية.

المستفيد المحلي: الشركات الصينية تتأهب

تصاعد التوترات قد يعزز الشركات الصينية مثل Huawei، التي قد تحل مكان Apple. ومع تزايد الغضب الشعبي ضد أمريكا، قد تكون الحرب التجارية هدية سياسية للقيادة الصينية، التي تسعى إلى تقليص نفوذ العلامات التجارية الأمريكية بين المستهلكين المحليين.

محمود فرحان

محمود أمين فرحان، صحفي متخصص في الشؤون الدولية، لا سيما الملف الروسي الأوكراني. عمل في مؤسسات إعلامية محلية ودولية، وتولى إدارة محتوى في مواقع إخبارية مثل "أخباري24" والموقع الألماني "News Online"، وغيرهم, حيث قاد فرق التحرير وواكب التغيرات المتسارعة في المشهد الإعلامي العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى