تصعيد جديد في الحرب التجارية: ترامب يهدد بفرض رسوم 50% على واردات الاتحاد الأوروبي و25% على الهواتف الذكية

في خطوة مفاجئة أربكت الأسواق وأثارت قلق الشركات، جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديده بفرض رسوم جمركية قاسية على واردات الاتحاد الأوروبي، وفتح جبهة جديدة ضد شركات التكنولوجيا العالمية، مؤكدًا عزمه فرض رسوم بنسبة 25% على الهواتف الذكية المصنعة خارج الولايات المتحدة، بما في ذلك أجهزة أبل وسامسونغ.
هذا التصعيد الحاد يأتي في لحظة سياسية واقتصادية حساسة، حيث تتعثر المفاوضات التجارية بين واشنطن وبروكسل، وتزداد الضغوط على سلاسل التوريد العالمية. وبينما حاول الاتحاد الأوروبي الدفع نحو تسوية تفاوضية، اختار ترامب نهج المواجهة، في خطوة تهدد بإعادة إشعال حرب تجارية واسعة النطاق، بعد فترة قصيرة من الهدوء النسبي.
50% رسوم على أوروبا: ترامب يعلن الرقم صراحة
خلال تصريحات أدلى بها من المكتب البيضاوي، قال ترامب إن واشنطن استقرت على فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات من الاتحاد الأوروبي، متهمًا بروكسل بتعطيل المفاوضات واستهداف الشركات الأمريكية عبر اللوائح والدعاوى القضائية.
“لقد حددنا الصفقة. إنها 50%”، قال ترامب للصحفيين، مضيفًا: “هم لا يتصرفون بشكل صحيح. لقد حان الوقت لنلعب اللعبة بطريقتي”.
اتهامات الرئيس جاءت بعد أيام من تلقي البيت الأبيض مقترحًا أوروبيًا جديدًا للتفاهم التجاري، إلا أن رد واشنطن جاء برفع سقف التصعيد، ما دفع مسؤولين أوروبيين إلى التحذير من انهيار مفاوضات طال انتظارها.

تهديدات تطال التكنولوجيا: رسوم على أبل وسامسونغ
لم يتوقف التصعيد عند أوروبا، بل امتد ليشمل عمالقة التكنولوجيا. ففي منشور على وسائل التواصل، هدد ترامب بفرض رسوم بنسبة 25% على الهواتف الذكية المستوردة، موضحًا أن القرار سيشمل جميع الأجهزة المصنوعة خارج الولايات المتحدة، وليس فقط منتجات أبل. حسب ما جاء فى وكالة بلومبيرج
“هذا يشمل سامسونغ وأي شركة تصنع تلك المنتجات”، أكد الرئيس، مضيفًا: “لن يكون ذلك عادلًا إذا استثنينا أحدًا”.
وكان ترامب قد التقى مؤخرًا بالرئيس التنفيذي لشركة أبل، تيم كوك، وأبلغه بشكل مباشر بأن نقل الإنتاج إلى الهند لا يعفي الشركة من التعرض للرسوم الجمركية إذا لم تُصنّع أجهزتها داخل الولايات المتحدة.
ردود فعل الأسواق: خسائر حادة تقودها أبل
أسواق المال التقطت إشارات التصعيد بسرعة، لتسجل المؤشرات الرئيسية خسائر فادحة. فقد تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 0.7% لليوم الرابع على التوالي، وانخفض Nasdaq 100 بنسبة 0.9%، بينما فقد Dow Jones نحو 0.6%.
وقادت شركة أبل موجة الهبوط في قطاع التكنولوجيا، مع تراجع سهمها بأكثر من 3%. ويخشى المستثمرون من أن تؤدي السياسات الحمائية المتشددة إلى رفع الأسعار، وتقليص أرباح الشركات الكبرى، واضطراب سلاسل التوريد العالمية.
رد أوروبي: الدعوة إلى الحوار مستمرة لكن التحضيرات للرد جاهزة
رغم التصعيد الأمريكي، أكد مسؤولون أوروبيون أن الاتحاد لا يزال ملتزمًا بالتفاوض. وقال مفوض التجارة الأوروبي ماروش شيفشوفيتش: “التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لا مثيل لها، ويجب أن تُدار بالاحترام المتبادل، لا بالتهديدات”.
في المقابل، باشرت بروكسل إعداد ردود محتملة، تشمل فرض رسوم انتقامية على واردات أمريكية بقيمة تصل إلى 107 مليارات دولار. كما جددت الدول الأعضاء دعمها لتمديد هدنة تجارية مؤقتة لمدة 90 يومًا، بعد خفض ترامب للرسوم على صادرات أوروبية معينة من الصلب والألمنيوم.
تداعيات اقتصادية: خسائر محتملة للنمو وارتفاع في الأسعار
وفقًا لتقديرات بلومبرغ إيكونوميكس، فإن فرض رسوم بنسبة 50% على التجارة مع الاتحاد الأوروبي سيؤثر على ما يقارب 321 مليار دولار من المبادلات التجارية، وقد يؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 0.6%، ورفع الأسعار بنسبة تتجاوز 0.3%.
المحللون يحذرون من أن مثل هذه السياسات قد تؤدي إلى عواقب طويلة الأمد على موقع الولايات المتحدة في سلاسل التجارة العالمية، فضلًا عن تراجع ثقة المستثمرين.

المفاوضات في مهبّ الريح
يبدو أن الرئيس ترامب يراهن على سياسة الضغط الأقصى لدفع الاتحاد الأوروبي إلى طاولة مفاوضات بشروط أمريكية خالصة. إلا أن إشارات الرفض المتكررة من بروكسل، وردود الفعل السلبية في الأسواق، قد تعقّد المهمة وتدفع الأطراف نحو مزيد من المواجهة.
وفي الوقت الذي ينشغل فيه الكونغرس الأمريكي بمناقشة حزمة إنفاق ضخمة، يبقى مصير الشراكة التجارية بين واشنطن وأوروبا معلقًا على خيط رفيع، يتأرجح بين التصعيد والتسوية.