عرب وعالم

تصعيد جديد في غزة.. شهداء في قصف إسرائيلي على النصيرات

استُشهد عدد من الفلسطينيين وأُصيب آخرون، مساء الأحد، في قصف جديد نفذه جيش الاحتلال على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، في حلقة جديدة من مسلسل العدوان المتواصل منذ السابع من أكتوبر 2023. وأفادت مصادر طبية بمستشفى العودة أن ثلاثة فلسطينيين لقوا حتفهم وأُصيب آخرون بجروح متفاوتة الخطورة، بعد أن استهدفت طائرات الاحتلال منزلًا مأهولًا داخل المخيم المكتظ بالسكان. وأثار الهجوم موجة غضب واستنكار واسعَين، خاصة أنه جاء بعد أيام فقط من إعلان هدنة مؤقتة. وبينما تواصل فرق الإنقاذ البحث عن ناجين بين الأنقاض، تتعالى الأصوات المطالبة بتحرك دولي عاجل لوقف ما يصفه الفلسطينيون بـ«الإبادة البطيئة» ضد المدنيين المحاصرين منذ أكثر من عام في ظروف إنسانية قاسية.

 

ارتفاع حصيلة الضحايا رغم وقف إطلاق النار

 

وباستشهاد الفلسطينيين الثلاثة في النصيرات، ارتفع عدد الشهداء اليوم إلى عشرة منذ ساعات الصباح، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية وفا. وتشير الإحصاءات إلى أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أسفر حتى الآن عن 68,159 شهيدًا و170,203 مصابين منذ السابع من أكتوبر الماضي، في حصيلة تعكس حجم الدمار والكارثة التي تعيشها غزة. وتؤكد مصادر طبية أن غالبية الضحايا من النساء والأطفال، في حين تتعرض المستشفيات لضغوط هائلة بسبب نقص المعدات والإمدادات الطبية. كما حذرت منظمات أممية من انهيار كامل للنظام الصحي في القطاع إذا استمر القصف بالوتيرة نفسها، مشيرة إلى أن غياب الاستقرار الأمني يجعل أي جهود إنسانية عاجزة عن تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.

 

اتفاق شرم الشيخ.. هدنة غير فاعلة أمام آلة الحرب

 

رغم الجهود الدبلوماسية المكثفة التي أُعلن عنها خلال مؤتمر شرم الشيخ وأسفرت عن اتفاق لوقف إطلاق النار، فإن الاتفاق لم يكن كافيًا لاحتواء الموقف أو وقف المأساة الإنسانية في غزة. فبعد أيام قليلة من إعلان الهدنة، عادت الغارات الجوية لتضرب المخيمات والأحياء السكنية في مشهد يؤكد هشاشة الاتفاق وضعف الضمانات المرافقة له. ويرى مراقبون أن غياب آلية رقابة دولية صارمة سمح لإسرائيل بمواصلة عملياتها العسكرية دون محاسبة، بينما اكتفى المجتمع الدولي ببيانات الإدانة. وتؤكد أوساط فلسطينية أن ما جرى في شرم الشيخ كان أقرب إلى محاولة سياسية لتهدئة الرأي العام، لا اتفاقًا حقيقيًا لوقف العدوان، في ظل استمرار الاحتلال في تنفيذ سياساته الميدانية دون قيود.

 

بعد الهدنة.. أرقام تكشف استمرار النزيف

 

ووفقًا لبيانات وكالة وفا، فقد استُشهد 38 فلسطينيًا وأُصيب 146 آخرون منذ بدء سريان وقف إطلاق النار في الحادي عشر من أكتوبر الجاري، فيما تم انتشال جثامين 414 شهيدًا من تحت الركام، إضافة إلى 15 جثمانًا مجهول الهوية كانت محتجزة لدى الاحتلال. وتؤكد هذه الأرقام أن العدوان لم يتوقف فعليًا، بل استمر بوتيرة متقطعة تُبقي الخوف حاضرًا في يوميات الغزيين. ويرى محللون أن استمرار إسرائيل في تنفيذ هجماتها رغم الهدنة ينسف مصداقية أي اتفاق مستقبلي، ويكرّس شعور الفلسطينيين بأن المجتمع الدولي عاجز عن حمايتهم. وبينما تواصل العائلات نعي أحبائها، تتزايد التساؤلات حول جدوى الهدن التي لا توقف نزيف الدم، بل تمنحه استراحة قصيرة قبل موجة جديدة من العنف.

 

غزة بين صمود الحياة وعجز العالم

 

رغم تصاعد أرقام الضحايا وتزايد الدعوات الدولية للتهدئة، تبدو غزة عالقة في دائرة عنف لا تنتهي، حيث يختلط فيها الصراع العسكري بالأثمان الإنسانية الباهظة. فكل جولة تصعيد جديدة تكشف هشاشة الجهود الدبلوماسية وعجز المنظومة الدولية عن فرض وقف فعلي لإطلاق النار. وبينما تستمر إسرائيل في عمليّاتها تحت ذرائع “الأمن والدفاع”، يعيش المدنيون الفلسطينيون واقعًا يوميًا من الخوف والنزوح والحرمان. وفي ظل غياب أفق سياسي حقيقي يعيد الثقة بإمكانية الحل، تبقى الهدن المؤقتة محاولات هشة لشراء الوقت، لا لإنهاء المأساة. وبين أنقاض المنازل المهدّمة، يواصل الفلسطينيون صمودهم كأبرز تعبير عن إرادة الحياة في وجه الموت، وعن شعبٍ لم تفلح آلة الحرب في كسر عزيمته.

 

اقرأ أيضاً

بدعم أمريكي.. مقترح أممي يمنح قوة الاستقرار في غزة صلاحيات استثنائية

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى