كأننا محاصرون..شبان إيرانيون يكسرون العزله الرقمية وسط حرب تعتيم
شبان إيرانيون يكافحون لكسر العزلة الرقمية

في شمال طهران، لا يكاد أمير (23 عامًا) يغمض عينيه. يقضي لياليه في مطاردة روابط البروكسي – شرايين رقمية هشة يحاول من خلالها اختراق التعتيم الكامل الذي فرضته السلطات الإيرانية على الإنترنت في ظل الحرب مع إسرائيل.
إيران تعيش شبه انقطاع تام عن العالم الرقمي، إذ قطعت الحكومة الاتصال بالإنترنت متذرعة بأن إسرائيل تستخدم الشبكة لأغراض عسكرية. لكن جيلًا شابًا من الإيرانيين قرر ألا يصمت، ويكافح ليبقى صوته مسموعًا خارج الجدران الإلكترونية.
يقول أمير:
“لم نعد نستطيع استخدام الـVPN. الآن نلجأ إلى روابط بروكسي خاصة، أشبه بأنفاق سرية تمرر رسائلنا عبر خوادم خارج إيران. هذه الروابط جزء من خاصية في تطبيق تيليغرام، لكن كل رابط يعمل لبضع ساعات ثم ينهار، فأضطر للبحث عن رابط جديد وأرسله لأصدقائي.”
التطبيقات المحلية مجرد أدوات للتجسس
رغم استمرار عمل تطبيقات التراسل المحلية، إلا أن الثقة فيها معدومة. يقول أمير:”هذه التطبيقات لا نثق بها إطلاقًا، الحكومة تقتنص أي فرصة للتجسس علينا، خاصة على قادة الحركة الطلابية.”
في الأسبوع الماضي، دعت منظمة العفو الدولية السلطات الإيرانية إلى رفع الحجب، مؤكدة أن “العزل التام يمنع الناس من إيجاد طرق آمنة، والوصول إلى مصادر منقذة للحياة، والبقاء على اطلاع بالتطورات.”
روابط نجاة تأتي من الخارج
ليلى (22 عامًا)، طالبة تقيم في منطقة عباس آباد وسط طهران، تمكنت من العودة للاتصال بعد أن أرسل لها حبيبها في أوروبا روابط إعداد من خلال رسالة نصية.
“من دون تلك الروابط لكنت ما زلت معزولة تمامًا. الإنترنت يشتغل فجأة لدقائق قليلة، ثم ينقطع قبل أن أتمكن من استخدام أي موقع.”
“لم نعد نعرف بعضنا.. فقط القنابل والصمت”
العزلة لا تتعلق فقط بالاتصال بالعالم الخارجي، بل بضياع التواصل الداخلي أيضًا. يقول آرش، طالب في طهران:”فقدنا القدرة على معرفة ما يحدث لبعضنا. لا نعرف من أصيب أو أين وقع القصف. لم يبقَ سوى الإعلام الرسمي… ثم صمت… ثم أصوات القنابل.”
“الحرب أصبحت عادية… وهذا أخطر ما فيها”
الاعتياد على الرعب هو أكثر ما يقلق أمير، إذ يقول:“بدأنا نتصرف وكأن الحرب أمر عادي. صارت النوافذ التي تهتز تُقرأ فورًا كإشارة لغارة أو انفجار. لكن الحقيقة أن هذا ليس طبيعيًا. الحرب ليست عادية.”
ومع كل هذا الخوف والقطع، تبقى العزلة الرقمية أكثر ما يشعره بالتهديد:
“الانقطاع يجعلنا غير مرئيين… كأننا لم نعد موجودين. لكننا هنا، ما زلنا نحاول الوصول للعالم الحر.”