
بينما كانت الأسواق المالية تتهاوى بفعل قراراته الاقتصادية المفاجئة، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من المشهد… إلى ملعب جولف في فلوريدا. وعلى الرغم من التراجع الضاغط الذي اضطر إليه بشأن الرسوم الجمركية، لم يبدُ على ترامب أي شعور بالقلق، بل تابع جدولًا حافلًا بالأنشطة الترفيهية والاجتماعات الباذخة.
“وقت مثالي للثراء”.. رغم انهيار الاقتصاد
في خضم أزمة اقتصادية حادة، ووسط خسائر تُقدّر بالتريليونات في أسواق المال، خرج ترامب بتصريح لافت يقول فيه: “هذا وقت عظيم لتحقيق الثروة”. لم يُبد الرئيس أي انزعاج، بل واصل حضور فعاليات الجولف واستضافة المانحين في حفلات عشاء فاخرة، مثيرًا موجة من الغضب الشعبي والإعلامي.
“الملك المجنون”.. نموذج للزعيم المعزول
استُحضرت مقارنات تاريخية لوصف سلوك ترامب، من الإمبراطور نيرون إلى الملوك المجانين الذين فقدوا الاتصال بالواقع. يقول الاستراتيجي الديمقراطي كورت بارديلّا: “عندما ترتدي بدلة سهرة وتطلب من الناس تحمل الألم، أو تستجم في ملاعب الغولف بينما الاقتصاد ينهار، فأنت منفصل تمامًا عن الناس – أو أسوأ، نرجسي لا يكترث”.
قرارات مرتجلة.. وسط طاقم يُصفّق دائمًا
في 2 أبريل، أعلن ترامب فرض رسوم جمركية على العشرات من الدول دون خطة مدروسة، إذ اتخذ القرار النهائي قبل ثلاث ساعات فقط من المؤتمر الصحفي، حسب واشنطن بوست. الموظفون المحيطون به – من نائبه جي دي فانس إلى مستشاريه – بدوا مطيعين بشكل مطلق، لا يبدون أي معارضة مهما كانت القرارات مثيرة للجدل.
فلوريدا أولًا.. الجنود في ليتوانيا لاحقًا
أثناء مراسم نقل جثامين أربعة جنود أمريكيين قُتلوا في تدريب عسكري، لم يكن ترامب حاضرًا. فضّل البقاء في فلوريدا، حيث شارك في عشاء سياسي فاخر بلغت كلفته مليون دولار للمقعد الواحد. أرسل وزير دفاعه بدلًا عنه، ما أثار انتقادات واسعة بشأن أولوياته كرئيس.
ردود متضاربة.. وإدارة على حافة الفوضى
في الوقت الذي كانت فيه إدارته تحاول التماسك أمام الإعلام، تناقضت تصريحات المسؤولين حول مستقبل الرسوم الجمركية، مما زاد حالة الغموض وعدم الاستقرار في الأسواق. ترامب من جانبه استمر في اللعب والتغريد والتباهي بفوزه في بطولة غولف نظّمها بنفسه… في ناديه الخاص.
“يعرف تمامًا ما يفعل”.. أم لا؟
في أحد حفلات العشاء بواشنطن، قال ترامب بثقة: “أنا أعرف تمامًا ما أفعله”. وادعى أن زعماء العالم يتوددون إليه لعقد صفقات تجارية جديدة. لكن بعد أقل من 24 ساعة، اضطر للتراجع جزئيًا عن الرسوم، مانحًا العالم مهلة 90 يومًا لإعادة التفاوض.
فقاعة معزولة عن الألم الشعبي
رغم أن ترامب اعتاد تجاوز الفضائح دون خسائر سياسية كبيرة، فإن سلوكه الأخير بدا دليلاً على انفصاله الكامل عن الشارع الأمريكي. حتى بعض مؤيديه بدؤوا يتساءلون عن مدى قدرته على قيادة البلاد في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة.
“فليأكلوا الكعك”: أسلوب حكم أقرب للمسرح
يشبهه المحللون بالملوك الاستبداديين في الأدب الكلاسيكي. تقول الكاتبة ماورين دود: “ترامب مثل ريتشارد الثالث؛ يُضحك الجمهور قبل أن يرتكب الفعل السلطوي، فيُخفي تسلّطه خلف ستار السخرية”. لكن الواقع – كما يراه منتقدوه – لم يعد يضحك أحدًا.