الوكالات

الهجوم على إيران في سياق معركة عالميه اكبر: مواجهة بين قوي الدمج وقوي الرفض

صراع عالمي بين قوى الدمج وقوى الرفض: إيران في بؤرة المواجهة

بينما يتصدر القصف الأميركي لمنشآت نووية إيرانية عناوين الأخبار، يرى الكاتب والمحلل الأميركي توماس فريدمان أن هذا الحدث هو مجرد فصل في صراع عالمي أوسع. فالهجوم لا يتعلق بإيران فقط، ولا حتى بالشرق الأوسط وحده، بل هو جزء من معركة شاملة بين من يسعون إلى دمج العالم عبر التعاون والانفتاح، ومن يعملون على مقاومة ذلك حفاظاً على أنظمتهم الاستبدادية ونفوذهم الداخلي. في هذا التقرير التحليلي، نعيد قراءة المقال عبر ثمانية محاور رئيسية تكشف الأبعاد الإقليمية والعالمية للصراع.

 

 من أوكرانيا إلى غزة: حرب عالمية بين رؤيتين

يرى فريدمان أن الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، وهجمات حماس ووكلاء إيران في 2023، هما مظاهر مختلفة لصراع واحد بين “قوى الدمج” و”قوى الرفض”. فبينما تدفع قوى الدمج نحو مزيد من التجارة والانفتاح والحكم الرشيد، تقوم قوى الرفض – مثل روسيا وإيران – بإشعال الحروب للحفاظ على جمود أنظمتها وقمع شعوبها.

 

 اتفاقات كادت تغيّر العالم… وأُجهضت

قبل الغزو الروسي، كانت أوكرانيا تقترب من الانضمام للاتحاد الأوروبي، وكان ذلك سيُحدث توسعًا هائلًا في أوروبا الحرة. في الوقت ذاته، كانت واشنطن تسعى إلى اتفاق أمني مع السعودية يشمل تطبيعًا مع إسرائيل ومفاوضات فلسطينية نحو دولة مستقلة. لكن بوتين غزا أوكرانيا، وإيران أطلقت وكلاءها لضرب إسرائيل… فانهارت تلك المبادرات.

 

من هم الحلفاء الحقيقيون؟

يسأل فريدمان بوضوح: هل يدرك ترامب أنه يقف على الجانب الآخر من روسيا وإيران؟ فهاتان الدولتان لا تدعمان بعضهما فقط، بل توظفان أدوات مشتركة لقمع الديمقراطيات، من طائرات مسيّرة إيرانية في أوكرانيا إلى دعم الحرس الثوري للميليشيات عبر المنطقة. من وجهة نظر الكاتب، على ترامب أن يواجه روسيا بنفس الحزم الذي يُظهره ضد إيران.

 

الصين تلعب على الحبلين

تلعب بكين دورًا غامضًا: تعتمد على استقرار النظام الاقتصادي العالمي، لكنها تقيم علاقات وثيقة مع إيران وتشتري منها النفط، ما يمثل المصدر الأكبر لتمويل طهران. هذه المشتريات تتيح لإيران تمويل حماس وحزب الله والنظام السوري، مما يجعل الصين طرفًا غير مباشر في تغذية التوتر.

 

 جبهة الشرق الأوسط: صراع قديم بطبعة حديثة

بعيون الصحفي المخضرم، يستعيد فريدمان أول عام له كمراسل في بيروت عام 1979، حين شهد الثورة الإيرانية واتفاق كامب ديفيد وظهور ميناء جبل علي في دبي. ومنذ ذلك الوقت، يرى أن المنطقة تشهد صراعًا متجددًا بين دول تسعى للاندماج مع العالم (كمصر والأردن والإمارات)، وقوى ترفض ذلك وتقاتل عبر الأيديولوجيا والميلشيات (مثل إيران والإخوان).

محور إيران المقاوم… وسلاح الميليشيات

وفقًا لفريدمان، نجحت إيران في مد شبكة إقليمية معقدة من الميليشيات في لبنان وسوريا واليمن والعراق، دون أن تخسر جنديًا واحدًا. الهدف ليس فقط مواجهة إسرائيل، بل السيطرة غير المباشرة على الدول وتحويلها إلى أدوات ضمن مشروعها الإقليمي.

 

ويستشهد المحلل السياسي ناديم قطيش بوصف دقيق لهذا المحور بأنه “شبكة مقاومة توحد الميليشيات والطوائف والجماعات الرافضة”، والهدف: الضغط على إسرائيل والغرب من كل الاتجاهات، من البحر الأحمر حتى الحدود اللبنانية.

 

 التحول السعودي… من التصدير الديني إلى الانفتاح الاقتصادي

يصف فريدمان صعود محمد بن سلمان بأنه من أهم العوامل الجديدة في معسكر “قوى الدمج”. فالرجل، رغم سجله المثير للجدل، أعاد توجيه السعودية من تصدير الفكر الديني المتشدد نحو بناء اقتصاد منفتح، معتمد على التجارة والسياحة والتكنولوجيا. وهذا التحول، برأي الكاتب، هو “ثورة عكسية” لما حدث بعد 1979.

 

 ما بعد القصف: ما الذي يمكن أن يحقق السلام؟

برغم تأييده للضربات ضد إيران، يؤكد فريدمان أن الحل الحقيقي يكمن في الجمع بين إضعاف إيران والمضي نحو حل الدولتين. ويقترح صفقة قد تُغير قواعد اللعبة: أن يطلب ترامب من نتنياهو الانسحاب من غزة مقابل وقف النار وعودة الأسرى، مع تسليم القطاع لقوة عربية تحت إشراف سلطة فلسطينية مُعاد إصلاحها، ووقف الاستيطان في الضفة الغربية. هذا، برأيه، هو ما سيفتح الباب أمام شرق أوسط أكثر استقرارًا وشمولية.

 

 كل الحروب متصلة

يؤمن فريدمان أن ما نشهده اليوم من تصعيد هو في جوهره صراع بين رؤيتين للعالم: رؤية تسعى للحرية، والازدهار، والشراكة، وأخرى قائمة على الاستبداد، والعزلة، والقمع. ويخلص إلى أن دعم أوكرانيا، والتفاوض مع الفلسطينيين، ومواجهة إيران، ليست ملفات منفصلة بل حروب متصلة… والمطلوب قيادة تُدرك ذلك وتحسن الربط بين الملفات، بدلًا من التعامل معها كأزمات معزولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى