عرب وعالم

جونسون في مواجهة العاصفة.. الكونجرس يشتعل بعد مقتل كيرك

أصبح رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون في قلب أزمة غير مسبوقة، إثر مقتل الناشط المحافظ الشاب تشارلي كيرك بالرصاص في ولاية يوتا. الحادثة لم تُشعل فقط غضب الجمهوريين، بل سرعان ما تحولت إلى شرارة للفوضى داخل الكونجرس، حيث تصاعدت الاتهامات بين الحزبين في مشهد يعكس عمق الانقسام السياسي في الولايات المتحدة. جونسون، الذي وجد نفسه أمام معادلة معقدة بين ضبط إيقاع المؤسسة التشريعية وحماية أعضائها من تهديدات متزايدة، يحاول استعادة السيطرة عبر خطاب هادئ ودعوات للتهدئة، وسط ضغوط حزبية هائلة وأجواء أمنية ملبدة بالقلق.

 

فوضى داخل أروقة المجلس

 

لم تمضِ ساعتان على إعلان مقتل كيرك حتى دعا جونسون لوقفة صمت في قاعة المجلس، تكريمًا لروح الناشط الشاب. غير أن لحظة الحداد تحولت سريعًا إلى مشهد صاخب، حيث انفجرت الاتهامات المتبادلة بين الديمقراطيين والجمهوريين. ووفقًا لصحيفة “بوليتيكو”، اضطر جونسون لاستخدام مطرقته بقوة عدة مرات في محاولة لفرض النظام، لكن محاولاته ذهبت أدراج الرياح وسط صيحات النواب. هذا التوتر أكد أن المجلس على شفا انهيار في ظل أجواء سياسية مشحونة تُنذر بمرحلة غير مسبوقة من الفوضى والانقسام الحزبي.

 

استراتيجية جونسون للتهدئة

 

في مواجهة هذا الانفجار السياسي، حاول جونسون أن يستلهم نهج رؤساء المجلس السابقين، متمسكًا بدعوات التهدئة والتعامل بكرامة واحترام متبادل. وأكد في تصريحات للصحفيين أن مهمته ليست الانحياز لحزب بعينه، بل حماية 435 نائبًا من أخطار تهدد أمنهم واستقرار المؤسسة. لكنه يدرك أن قيادته محاصرة بين جناحين متناحرين، ما يجعله أمام مفترق طرق صعب. جونسون يدعو لخفض التصعيد داخل المجلس وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، محذرًا من أن استمرار التوتر يهدد بزعزعة الديمقراطية الأمريكية من الداخل.

 

أزمة أمنية متصاعدة

 

مخاوف النواب لا تقتصر على التلاسن السياسي، بل تمتد إلى تهديدات أمنية متزايدة. فقد كشف جونسون، خلال اجتماع لمجموعة السبع، عن ارتفاع حاد في التهديدات ضد أعضاء الكونجرس. وبادر إلى تسريع مراجعة برامج الحماية الممولة من الحكومة، رغم أنها تجريبية ومقرر انتهاؤها قريبًا. النائب الديمقراطي جاريد موسكوفيتز عبّر عن حجم القلق السائد قائلًا: “الناس هنا خائفون حتى الموت”. هذا الشعور دفع الجمهوريين للمطالبة بزيادة المخصصات الأمنية ضمن قانون التمويل المؤقت للحكومة، في خطوة تعكس خطورة الوضع المتدهور داخل أروقة الكونجرس.

غضب جمهوري متفجر

 

إلى جانب المخاوف الأمنية، يواجه جونسون تحديًا داخليًا يتمثل في السيطرة على انفعالات حزبه. فقد ألقت النائبة الجمهورية آنا بولينا لونا باللوم مباشرة على الديمقراطيين، متهمة إياهم بالتسبب في المأساة. كما كتب النائب ديريك فان أوردن تغريدة مثيرة للجدل شبّه فيها خصومه بالنازيين، بينما لمّح النائب كلاي هيجينز إلى العنف ضد من “ابتهجوا” بمقتل كيرك. هذه الانفعالات صبّت الزيت على نار الفوضى، في حين تمسك جونسون بخطاب أقل حدة، ظهر فيه عبر شبكات إعلامية متباينة ليؤكد أن الأزمة انعكاس لحظة غضب يجب تجاوزها بالحكمة.

 

بين القيادة والخطر

 

يحاول جونسون أن يحافظ على توازنه في مواجهة أزمة مركبة تجمع بين الانقسام السياسي والتوتر الأمني. ورغم إصراره على خطاب التهدئة، إلا أنه يدرك أن الاستهداف الشخصي الذي يلاحقه اليوم ليس بعيدًا عمّا تعرضت له نانسي بيلوسي سابقًا حين هوجم منزلها. ومع تزايد الضغوط من داخل حزبه وخارجه، يبدو أن جونسون يواجه أصعب اختبار في مسيرته السياسية، إذ يتوقف عليه ليس فقط استقرار مجلس النواب، بل أيضًا قدرة الكونجرس على الصمود أمام عاصفة الانقسام التي تهدد الديمقراطية الأمريكية برمتها.

اقرأ أيضاً

فرنسا على حافة الانهيار.. أزمة سياسية واقتصادية تضرب قلب الجمهورية

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى