رئيس “روش”: يمكننا خفض أسعار الأدوية في أمريكا بنسبة 50٪ “بسهولة”… بشرط واحد

في تصريحات لافتة، قال المدير التنفيذي لشركة “روش” السويسرية العملاقة للأدوية، توماس شاينيكر، إن خفض أسعار الأدوية في الولايات المتحدة إلى النصف “أمر سهل جدًا” — بشرط واحد فقط: تجاوز الوسطاء وبيع الأدوية مباشرةً إلى المرضى.

وقال شاينيكر خلال مقابلة حديثة إن ما يقارب 50٪ من أرباح سلسلة التوريد تذهب إلى وسطاء يُعرفون بـ”مديري منافع الصيدلة” (PBMs)، وهم جهات تتحكم في قوائم الأدوية المعتمدة من شركات التأمين، دون أن تتحمل أي مخاطرة تتعلق بالابتكار أو الإنتاج.

“إذا كانت الولايات المتحدة ترغب في خفض الأسعار بنسبة 50٪، فالأمر بسيط: نبيع مباشرة. وهذا أحد المواضيع التي نناقشها حاليًا مع الحكومة الأمريكية”، قال شاينيكر.

إصلاحات ترامب… والصداع المستقبلي لصناعة الدواء

التصريحات تأتي في سياق ضغط متزايد من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وقّع أمرًا تنفيذيًا يعزز ما يُعرف بسياسة “الدولة الأكثر تفضيلًا”، والتي تُجبر شركات الأدوية على تقديم أفضل سعر عالمي للولايات المتحدة، مقارنة بأي دولة تتجاوز 60٪ من ناتجها المحلي الإجمالي مقارنةً بأمريكا.

إذا طُبقت هذه السياسة فعليًا، فستتلقى الصناعة ضربة مالية ضخمة، كون أسعار الأدوية في السوق الأمريكية تفوق نظيراتها في 32 دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بمتوسط 2.3 مرة، بحسب دراسة حديثة أجراها مركز RAND لصالح وزارة الصحة الأمريكية.

صناعة تتهم الوسطاء… لا الشركات

لطالما ألقت شركات الأدوية باللوم على تعقيد النظام الأمريكي في تحديد أسعار الأدوية، حيث تقوم شركات التأمين ومقدمو الخدمات الصحية بإدراج أدوية محددة مقابل الحصول على خصومات أو “عمولات” من الشركات المصنعة.

هذه الشبكة المعقدة تخلق فجوة بين السعر الحقيقي للدواء وتكلفته على المريض أو الدولة، ما يجعل من الصعب مساءلة جهة واحدة عن الأسعار المرتفعة.

أرقام روش: نمو ثابت واستعداد للتحديات

بالرغم من هذه التحديات، أعلنت “روش” عن مبيعات بلغت 30.9 مليار فرنك سويسري (39 مليار دولار) في النصف الأول من عام 2025، بزيادة 7٪ مقارنة بالعام السابق، متجاوزة التوقعات. وبلغ العائد المخفف للسهم 11.1 فرنك، مقابل توقعات المحللين عند 10.5.

الشركة السويسرية أكدت تمسكها بتوقعات الأداء السنوية، متوقعة نموًا في الإيرادات بين 5-9٪، واستمرارًا في الأرباح.

استثمار استباقي في أمريكا… وتحصين ضد التعريفات

وعلى الرغم من تهديد ترامب بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 200٪ على شركات الأدوية الأجنبية، أكدت “روش” أنها استعدت مسبقًا عبر توسيع منشآتها في الولايات المتحدة وتحريك المخزون إلى السوق الأمريكية.

“نأمل أن ترى الحكومة الأمريكية أن الاستثمارات التي نقوم بها، وكذلك شركات أخرى، هي دليل على التزامنا بإنتاج الأدوية التي تحتاجها الولايات المتحدة، وللسوق الأمريكية تحديدًا”، أضاف شاينيكر.

اقرأ أيضاً

فايننشال تايمز | لماذا تكره الإنترنت اسمي؟ حين تتحول الهوية الشخصية إلى “خطأ برمجي”

خلاصة: معركة الأسعار تبدأ من الداخل

التصريحات الجريئة من “روش” تسلط الضوء على معضلة قديمة في سوق الدواء الأمريكي: ليست فقط تكلفة الإنتاج أو البحث هي ما يرفع السعر، بل المنظومة نفسها. تجاوز الوسطاء وبيع الأدوية مباشرةً قد يمثل تحوّلًا جذريًا في قطاع الرعاية الصحية الأمريكي، إذا ما تم تطبيقه.

لكنّ السؤال الحقيقي يبقى: هل تسمح شبكات المصالح الأمريكية بذلك؟