تقرير حول فريق كرة القدم النسائي الإنجليزي “اللبوات” وتصوره الجديد للهوية الوطنية
اللبوات: إعادة تعريف الهوية الوطنية الإنجليزية في كرة القدم"
في ساحة كرة القدم الأوروبية، يبرز فريق كرة القدم النسائي الإنجليزي “اللبوات” كقوة رياضية وثقافية، مقدمًا نموذجًا جديدًا للهوية الوطنية الإنجليزية.
من خلال شعار “إنجلترا الحقيقية”، يظهر الفريق كقوة تجريبية حقيقية، لا تتردد في كسر النمط الذكوري التقليدي للهوية الكروية الإنجليزية.
في هذا التقرير، سنناقش كيف يعيد اللبوات تعريف الهوية الوطنية الإنجليزية من خلال أدائهم الرياضي والثقافي.
شعار جديد… وهوية جديدة: من “إنه قادم إلى الوطن” إلى “إنجلترا الحقيقية”
بعد فوزهن ببطولة يورو 2022، اعتمد اللبوات شعار “إنجلترا الحقيقية” كتعبير عن هويتهم الوطنية الجديدة. هذا الشعار، ببساطته الشعبية ونبرته الساخرة، لا يقتصر على الأداء داخل الملعب فقط، بل يتغلغل في تفاصيل السلوك الجماعي للفريق. يمثل هذا الشعار تحولًا في الهوية الوطنية الإنجليزية، حيث يركز على القيم مثل الصدق، الإيمان بالقدرة الجماعية، والمرونة.
اللبوات في مواجهة التاريخ:
كسر النمط الذكوري للهوية الكروية لأكثر من قرن، ارتبطت الهوية الكروية الإنجليزية بنمط معين: الخشونة، الشجاعة، واللعب برجولة. لكن اللبوات يظهرن كقوة تجريبية حقيقية، لا تتردد في كسر هذا النمط واستحداث هوية مرنة، جماعية، وذكية. من خلال أدائهم الرياضي، يقدمن اللبوات نموذجًا جديدًا للهوية الوطنية الإنجليزية، يركز على القيم مثل التعاون، الإبداع، والذكاء.
منظور اللاعبين:
ما تعنيه “إنجلترا الحقيقية” لكل واحدة منهن تختلف تفسيرات اللاعبات لشعار “إنجلترا الحقيقية”. بعضهن يرون فيه الدافع للعب بقوة وتصميم، بينما يرون فيه البعض الآخر استدعاءً لأيام كانت إنجلترا فيها الطرف الأضعف. المدربة سارينا ويغمان ترى فيه التحرك الواعي نحو الهدف، بينما يرى البعض الآخر فيه روح جماعية غير قابلة للتفكك.
إرث الرجال وتحولاته: من “الدم والعرق” إلى “الوعي والابتكار”
كان على فريق الرجال أن ينتظر سنوات من الإخفاق قبل أن يدرك أن الشجاعة وحدها لا تصنع البطولات. المدرب غاريث ساوثغيت أعاد بناء ما سماه بـ”DNA إنجلترا”، مسلحًا بفكر جديد مستوحى من فريق “All Blacks” الشهير في الرجبي. هذا التحول يمهّد أيضًا لتحوّل أشمل في مفهوم “الهوية الرياضية الوطنية” التي لم تعد مقتصرة على صفة أو أسلوب واحد.
نماذج حديثة تكسر القالب القديم:
“بازبول” مثالًا أعادت فرق مثل منتخب إنجلترا للكريكيت بقيادة بن ستوكس تعريف المعنى الحقيقي للمخاطرة والانتصار. أسلوب “بازبول” الذي يتسم بالجرأة القصوى، قلب موازين اللعبة وأعاد المتعة إليها. هذه الفرق، بعقلياتها المرنة والمنفتحة، تمثل جيلًا جديدًا من الرياضيين الإنجليز الذين لا يسعون إلى محاكاة النموذج القديم بقدر ما يسعون إلى تجاوزه نحو مساحات أكثر تحررًا في الأداء والتفكير.
اللبوات بين الواقع والأسطورة: إلى أين يقودهن النصر؟ (تتمة)
في حال فوز اللبوات بالبطولة، فإن إرثهن لن يُختصر بكأس جديدة، بل بتأسيس نمط جديد لما تعنيه “الإنجليزية” في الرياضة. فقد أثبتن أن الانتصار لا يحتاج بالضرورة إلى الذكورة أو الشراسة، بل إلى المرونة، الصدق، والإيمان بالقدرة الجماعية. حتى إن لم يفزن، فإن مجرد وصولهن إلى هذه المرحلة، بهذا الأسلوب وهذا الشعار، كفيل بجعل تجربتهن ركيزة في الوعي الرياضي والثقافي الإنجليزي الحديث. ومع تزايد الاهتمام بكرة القدم النسائية، فإن الأثر طويل الأمد لهذه المجموعة سيكون أكبر من أي نتيجة آنية.
“إنجلترا الحقيقية” تبدأ من هنا
ربما لم يعد من المهم أن نُعرّف بدقة ما تعنيه عبارة “إنجلترا الحقيقية”، فربما يكمن سرها في غموضها. لكن ما هو مؤكد أن اللبوات – في عز عطائهن وتماسكهن – يقدمن صورة حديثة، مُلهمة، وجريئة لإنجلترا الرياضية.
في زمن يتغير فيه مفهوم الوطنية، وتُعاد فيه صياغة الرموز والأساليب، تظهر اللبوات كمثال يُحتذى: ليس فقط للنساء، بل لكل من يسعى لصنع هوية تجمع بين الإرادة، التنوع، والإنسانية. وإن كان هذا هو وجه “إنجلترا الحقيقية”، فهو بلا شك وجه يستحق الفخر – وربما التكرار.
