تايوان تطلق أكبر عملية شراء للطائرات المسيّرة في تاريخها: أكثر من 100 ألف طائرة بدون طيار لتعزيز الدفاع الوطني والبنية التحتية

في خطوة غير مسبوقة تعكس تصاعد التوترات الإقليمية واستراتيجية الردع الشامل، أعلنت تايوان عن خطة واسعة النطاق لشراء أكثر من 50,000 طائرة مسيّرة إضافية، لتتجاوز بذلك الطلب الكلي أكثر من 100,000 نظام جوي غير مأهول (UAS)، وفقًا لما نشره موقع DEFENCE BLOG. هذا الإعلان يجعلها واحدة من أكبر عمليات الشراء للطائرات المسيّرة في تاريخ البلاد، ويضمن إشغال الطاقة الإنتاجية المحلية لهذه الأنظمة لخمس سنوات على الأقل.
مضاعفة القدرة الدفاعية والمدنية
البرنامج الجديد، الذي أُعلن عنه في 29 يوليو خلال اجتماع رسمي نظمته مكتب برنامج الطيران التابع للمجلس التنفيذي ومكتب التسليح، يهدف إلى تعزيز صمود الدولة من خلال توسيع شبكة الطائرات المسيّرة المستخدمة في الدفاع عن الوطن وحماية البنية التحتية الحيوية.
وسيُضاف هذا العدد إلى خطة وزارة الدفاع الحالية لشراء 48,750 طائرة مسيّرة، ما يجعل العدد الإجمالي المطلوب يتجاوز 100,000 وحدة.
وصرح مسؤولون بأن الطائرات الإضافية ستُستخدم في مهام مدنية وعسكرية، مثل مراقبة منشآت الطاقة، خطوط النقل، والمهام الاستخبارية. تعكس الخطة اعتماد تايوان بشكل متزايد على بنية دفاعية متعددة الطبقات ترتكز على التقنيات غير المأهولة.
فئات الطائرات ومجالات الاستخدام
وفقًا لوزارة الدفاع، ينقسم البرنامج العسكري إلى خمسة أنواع رئيسية من الطائرات المسيّرة، تشمل:
طائرات استطلاع صغيرة جدًا (Micro surveillance)
طائرات مسيّرة هجومية
طائرات استطلاع متوسطة المدى
وتشير التقديرات إلى أن الميزانية العسكرية وحدها قد تتجاوز 50 مليار دولار تايواني (1.68 مليار دولار أمريكي).
البرنامج الجديد لا يقتصر على الاستخدامات القتالية، بل يمتد إلى دعم جهود الإنقاذ، الاتصالات، والاستجابة للكوارث.
المنافسة الصناعية: تسابق محلي وتطلعات عالمية
بدأت كبرى شركات تصنيع الطائرات المسيّرة في تايوان، مثل Thunder Tiger Technologies، بالتحرك بسرعة لتقديم عروضها لجميع الفئات الخمس من البرنامج العسكري، كما أعربت عن استعدادها للمنافسة في الطلب الإضافي من المجلس التنفيذي.
بدورها، أعلنت شركة Century Minsheng عن توسيع طاقتها الإنتاجية، مؤكدة تطلعها لتصدير أنظمة دفاعية إلى أسواق أوروبا والولايات المتحدة، واصفة المرحلة الحالية بأنها “نقطة تحول” في سلاسل التوريد العالمية لأنظمة الطيران المسيّر.
استراتيجية العقود: توزيع للإنتاج وتسريع للتسليم
أكدت وزارة الدفاع أن عملية الشراء ستعتمد على نموذج العقود متعددة الأطراف (multi-award contracts)، ما يعني أن عقود التوريد ستُقسم بين عدة شركات. الهدف من هذه الآلية هو:
تسريع عملية التسليم
تعزيز مرونة سلاسل التوريد
تحفيز المنافسة الصناعية داخل السوق المحلية
وقد شارك أكثر من 400 ممثل عن الصناعة في اللقاء الذي عُقد بمصنع 202 في منطقة نانغانغ، ما يعكس الاهتمام الكبير بالفرص التجارية والتقنية التي يتيحها البرنامج.
خصائص تقنية متقدمة قيد التطوير
رغم السرية المحيطة بالعديد من التفاصيل التقنية، تتوقع الشركات أن تشمل المنظومات المطلوبة خصائص متطورة مثل:
أنظمة تحكم ذاتي بالطيران (Autonomous control)
اتصالات مشفرة وآمنة
قدرات “التحليق الجماعي” (Swarming)
توافق مع تضاريس تايوان الجبلية والبيئة الحضرية الكثيفة
هذه المواصفات تعكس توجه تايوان نحو استخدام الطائرات المسيّرة ليس فقط كمنصات مراقبة، بل أيضًا كأدوات تكتيكية ذات فعالية عالية في بيئات القتال المعقدة.
نقطة تحول استراتيجية في تاريخ الصناعات الدفاعية التايوانية
يمثل هذا البرنامج الضخم نقطة انعطاف في بنية الدفاع التايوانية، ويؤشر إلى تحول جاد نحو اعتماد موسع على الأنظمة غير المأهولة. كما يعزز من قدرة الصناعات المحلية على مواكبة المتطلبات الحديثة لساحة المعركة.
في ظل التوترات المتصاعدة عبر مضيق تايوان، فإن هذه الخطوة تؤكد إصرار تايبيه على تطوير قدراتها الدفاعية الذاتية، وتأمين سيادتها من خلال الابتكار التكنولوجي والاعتماد المحلي، مع فتح الباب أمام منافسة صناعية عالمية.