الديمقراطيون في مواجهة ترامب: معارضة عاجزة أم يسار بلا أفكار جديدة؟

رغم تراجع شعبية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدريجيًا مع تفاقم إخفاقاته الاقتصادية والسياسية، فإن الحزب الديمقراطي لم ينجح حتى الآن في استثمار تلك الثغرات لصالحه. فبدلًا من أن يقود معركة تجديد سياسي، يبدو أن الحزب يكتفي بردود فعل غاضبة دفاعًا عن الوضع القائم، الأمر الذي يعزز من هيمنة ترامب على المشهد.
يسار بلا مشروع بديل
يرى مراقبون أن الديمقراطيين تحولوا إلى مؤسسة محافظة بالمعنى العملي، إذ يدافعون عن مؤسسات الدولة القائمة، من الجامعات إلى الجهاز البيروقراطي. وبحسب لوس، فإن شعار الديمقراطيين الضمني هو: “أمريكا بخير بالفعل”، أي إن الأزمة الوحيدة كانت وصول ترامب إلى السلطة.
إخفاق في استثمار تراجع ترامب
ترامب نجح في تقديم نفسه كمنفذ لوعوده الانتخابية، من غلق الحدود إلى محاربة البيروقراطية وشن الحروب التجارية. غير أن هذه السياسات لم تحقق الازدهار الذي وعد به ناخبوه. ورغم ذلك، فإن معدلات الرضا عن الديمقراطيين تراجعت بوتيرة أسرع من ترامب نفسه، ما جعله يحتفظ بسطوة نسبية.
معارضة على هيئة “آلة غضب”
من أبرز مشكلات الديمقراطيين أنهم باتوا أسرى ردود الفعل. فكل خرق دستوري أو تجاوز سياسي من جانب ترامب يقابَل بصيحات استنكار متكررة، ما جعلهم يظهرون كـ”أجداد غاضبين” بلا بدائل عملية. وبذلك، تحولت المعارضة إلى مجرد “آلة غضب افتراضية” بلا مشروع سياسي متكامل.
فجوة مع الطبقة العاملة
الديمقراطيون لم يعودوا الحزب الطبيعي للطبقة العاملة، بعدما انجذب أغلب الناخبين من هذه الشريحة إلى خطاب ترامب الشعبوي. وبدلًا من محاولة فهم منظور هؤلاء الناخبين، تسيطر على الحزب النخب الأكاديمية والإعلامية التي غالبًا ما تنظر باستعلاء إلى أنصار ترامب.
غياب الروح الإصلاحية
يعود جزء كبير من الأزمة إلى أن الديمقراطيين فقدوا روح التجديد التي جسدها فرانكلين روزفلت في “الصفقة الجديدة” خلال ثلاثينيات القرن الماضي. فبدلًا من “تجريب الأفكار الجريئة”، أصبح الحزب حارسًا لمؤسسات معطلة مثل النظام الضريبي شديد التعقيد وسوق الإسكان المتدهور.
الاعتماد على نجاحات مؤقتة
الديمقراطيون يعوّلون على الفوز في الانتخابات النصفية المقبلة لتعزيز موقعهم، لكن لوس يرى أن ذلك “ذهب زائف”. فحتى إن خسر الجمهوريون مجلس النواب في 2026، فإن ذلك لن يحل أزمة الحزب الديمقراطي العميقة، التي فشلت تجربة بايدن الأخيرة في معالجتها.
انتظار ما بعد ترامب: رهان خاسر
هناك وهم آخر يسيطر على الديمقراطيين يتمثل في انتظار انتهاء ظاهرة ترامب بغيابه عن المشهد. غير أن التجارب الأوروبية مع صعود الشعبويات أثبتت أن المشكلات الهيكلية لليسار أعمق من شخصيات بعينها.
التحدي الأكبر: الفعل لا رد الفعل
التحليل ينتهي إلى أن التحدي الحقيقي للديمقراطيين هو أن يتصرفوا وكأن ترامب غير موجود أصلًا، عبر إعادة اختراع برنامج سياسي يلبي حاجات الناخبين ويقدم حلولًا عملية. فـ”عبقرية” ترامب تكمن في أنه يمنعهم من إدراك هذه الحقيقة.