الاقتصاد

أصول أميركا اللاتينية: بريقٌ حقيقي أم وهجٌ مؤقت؟

في عامٍ اتسم بالاضطراب العالمي، تألقت دول أميركا اللاتينية المصدّرة للسلع الأساسية في وقت خيّم فيه الركود على معظم الأسواق الناشئة الأخرى. ففي حين هبطت الأسهم الناشئة المدرجة في مؤشر MSCI بنحو 30٪ منذ بداية العام، تمكنت الأسواق اللاتينية من تسجيل ارتفاع بلغ 2.5٪ — في مفارقة لافتة ضمن المشهد الاقتصادي العالمي.

حققت بتروبراس، عملاق النفط البرازيلي، عائدًا يفوق 13٪ في بورصة ساو باولو، بينما ارتفعت أسهم القطاع الصناعي في البلاد بنحو 18٪. ويعزو المحللون هذا الأداء إلى ارتفاع أسعار السلع الأولية — من الطاقة إلى الغذاء والمعادن — التي شكّلت دعامة قوية لاقتصادات المنطقة.

الريـال البرازيلي… نجم نادر في سماء الدولار

في عالم يهيمن عليه الدولار القوي، يُعد أداء العملة البرازيلية استثناءً بارزًا؛ إذ ارتفع الريـال البرازيلي بأكثر من 7٪ مقابل العملة الأميركية منذ مطلع العام، في مكسب نادر لعملة ناشئة.

ورغم بعض الضعف الأخير، يتوقع الخبراء أن يحافظ الريـال على متانته. ويرى روبن بروكس، كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي (IIF)، أن العوامل الأساسية — من فائض الحساب الجاري إلى تباطؤ التضخم المحلي — تدعم العملة، متوقعًا أن يتداول الريـال عند نحو 4.50 ريال للدولار مقارنة بمستواه الحالي البالغ 5.30 ريال.

أسعار الفائدة… لا السلع وحدها

لكن صعود الريـال لا يرتبط فقط بتدفّق العائدات من الصادرات، بل أيضًا بسياسات الفائدة الاستباقية. فقد بدأ البنك المركزي البرازيلي دورة رفع الفائدة قبل نظيره الأميركي بعام كامل، ما منح العملة دعماً إضافيًا من المستثمرين الباحثين عن عائد مرتفع. وينطبق الأمر جزئيًا على البيزو المكسيكي، الذي ارتفع بنسبة 2٪ خلال العام ذاته.

السياسة تعكّر صفو الأسواق

وكما هو مألوف في أميركا اللاتينية، لا تكتمل الصورة الاقتصادية من دون التقلب السياسي. فبين الانتخابات الحامية في البرازيل، والنقاشات الدستورية في تشيلي، والاحتجاجات الاجتماعية في بعض الدول المجاورة، تراجع إقبال المستثمرين العالميين على المخاطرة رغم الأساسيات الاقتصادية القوية.

وبذلك، تُذكّر التجربة اللاتينية هذا العام بأن أسعار السلع وحدها لا تصنع الاستقرار؛ فالتقلبات السياسية والمالية لا تزال العنصر الحاسم في تحديد مصير العملات والأسواق في المنطقة.

اقرأ أيضاً:

تراجع سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 في البنوك المصرية

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى