الاقتصاد

محكمة إيطالية تؤكد: على “يوني كريديت” مغادرة روسيا لإتمام صفقة الاستحواذ على بي بي إم

ضربة لرئيس البنك أندريا أورسيل، لكن حكومة ميلوني تفشل في فرض شروط أخرى

في حكم قضائي وصف بـ”المفصلي”، أكدت محكمة إدارية في إيطاليا، السبت، أن على بنك UniCredit الالتزام بمطلب الحكومة الإيطالية بالخروج الكامل من السوق الروسية إذا كان يرغب في إتمام صفقة استحواذه على منافسه المحلي Banco BPM، في خطوة تمثل انتكاسة كبيرة للرئيس التنفيذي للبنك، أندريا أورسيل، الذي كان قد حذر سابقاً من أن الصفقة قد تنهار إذا لم تُخفف الشروط الحكومية.

لكن الحكم لم يكن خسارة كاملة للبنك، إذ أبطلت المحكمة بعض الشروط الأخرى التي فرضتها حكومة جورجيا ميلوني، لا سيما تلك المتعلقة بنسبة القروض إلى الودائع بعد الاندماج، وإلزام البنكين بالحفاظ على محافظ تمويل المشاريع داخل إيطاليا. وبذلك تكون المحكمة قد ألغت فعلياً النص الأصلي للمرسوم الحكومي.

قرار تاريخي ضد الحكومة

تُعد هذه المرة الأولى التي تُبطِل فيها محكمة إدارية إيطالية شروطًا تفرضها الحكومة ضمن صفقة استحواذ تصنف على أنها “استراتيجية”. المحكمة وصفت مطالبة الحكومة بانسحاب يوني كريديت من روسيا بأنها “شرعية تمامًا”، بينما اعتبرت الشروط الأخرى تجاوزًا للحدود.

وتعليقًا على الحكم، أعرب بنك BPM عن “ارتياحه لنتيجة الطعن”، ودعا UniCredit إلى “توضيح موقفه النهائي من الصفقة”. في المقابل، لم يُصدر يوني كريديت أي تعليق فوري، فيما نقلت مصادر مطلعة أن مجلس إدارة البنك سيجتمع خلال أيام لمناقشة التداعيات.

صفقة معلّقة… حتى إشعار آخر

رغم الحكم، لا تزال الصفقة عالقة. تنتهي فترة عرض الشراء في 23 يوليو الجاري، بعد تمديدها سابقًا بسبب المسار القضائي، ومع غياب توضيح حكومي حول ما إذا كانت ستقوم بإعادة صياغة المرسوم في ضوء قرار المحكمة، تظل الخيارات مفتوحة أمام الطرفين.

إذا لم تتدخل الحكومة لإعادة صياغة القرار، فقد يُطالب يوني كريديت بتمديد مهلة العرض مجددًا، أو قد يلجأ أحد الأطراف لاستئناف الحكم. كما يحق للجهة التنظيمية تعليق المهلة القانونية للعملية.

أورسيل والمأزق الروسي

منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022، خفّض بنك UniCredit بشكل كبير من وجوده في روسيا، لكنه لا يزال أحد آخر مصرفين أوروبيين يمتلكان فروعًا محلية هناك. ورغم الضغوط السياسية، يرفض أورسيل حتى الآن الانسحاب الكامل، متذرعًا بالمخاطر المالية الناتجة عن خسائر محتملة في الميزانية العمومية، إلى جانب تعقيدات الحصول على موافقة السلطات الروسية على عملية الخروج.

الخلفية: صفقة ذات أبعاد أوروبية

بنك UniCredit، ثاني أكبر المقرضين في إيطاليا، أطلق في العام الماضي عروض استحواذ متزامنة على كل من Banco BPM الإيطالي وCommerzbank الألماني، في مسعى لتعزيز حضوره في أوروبا القارية. وتعد صفقة BPM ذات أهمية خاصة، ليس فقط لأنها توسع الحصة السوقية للبنك داخل إيطاليا، بل لأنها تخضع لرقابة دقيقة من قبل حكومة ميلوني، التي تعتبر القطاع المصرفي جزءًا من الأمن الاستراتيجي للدولة.

إلى أين تتجه الصفقة؟

الحكم القضائي أعاد خلط الأوراق، إذ منح الحكومة حق اشتراط الانسحاب من روسيا، لكنه قيد قدرتها على فرض شروط اقتصادية وتنظيمية أخرى، وهذا ما يُبقي الكرة في ملعب أورسيل: هل يقبل بخسائر الخروج من روسيا مقابل استحواذ طال انتظاره؟ أم أن الصفقة ستنهار على أعتاب الكرملين؟

الإجابة ستتضح خلال أيام قليلة، مع انعقاد مجلس إدارة يوني كريديت واقتراب مهلة العرض من نهايتها.

أقرا أيضا

خاص| النقراشي: المحطات الخمسية عنصرًا أساسياً في تصدير الهيدروجين الأخضر

نوران الرجال

نوران الرجال باحثة اقتصادية وكاتبة صحفية متخصصة في شؤون النقل البحري والاقتصاد البحري، وتشغل عضوية لجنة النقل البحري بالجمعية العمومية العلمية للنقل. كما تتولى منصب المدير العام لمركز العربي للأبحاث البحرية والاستراتيجية، حيث تسهم في صياغة الرؤى وتقديم الدراسات الداعمة لتطوير قطاع النقل البحري في المنطقة العربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى