الاستعداد للنهاية بطريقة مختلفة: كيف يواجه الليبراليون في أمريكا الكوارث القادمة؟
البقاء بروح جماعية: موجة جديدة من الاستعداد في أمريكا الليبرالية

دروس من أجل النجاة… ولكن دون الذخيرة
في إحدى أمسيات فبراير، انضم عشرات الأشخاص، من خلفيات متنوعة كالعلماء والفنانين والمهندسين، إلى دورة عبر الإنترنت بعنوان: “اجعل حياتك أكثر صلابة: الأساسيات”. مقدم الدورة، أليكس ستيفن، كاتب ومستشار في مجال الاستشراف البيئي، بدأ حديثه من منطقة خليج سان فرانسيسكو مؤكداً أن كل البنى التي نعتمد عليها “صُمّمت لعالم لم يعد موجوداً”.
ستيفن، الذي يعتبر نفسه “تقدميًا معتدلًا”، لم يدعُ المشاركين لتكديس الأسلحة، بل لحماية شبكاتهم الاجتماعية، تقوية البنية التحتية المحلية، والتهيؤ نفسياً وعاطفياً لمستقبل محفوف بالأزمات المناخية، مثل الفيضانات والحرائق والجفاف. “إذا وجدت نفسك تطلق النار لحماية علب الطعام، فأنت لم تفهم الدرس”، قالها بثقة.

من الاستعداد الفردي إلى التضامن المجتمعي
على عكس اليمينيين الذين يُهيئون أنفسهم لمواجهات مسلحة مع “الغرباء”، يركز الليبراليون في حركة الاستعداد الجديدة على مفاهيم كـ”المساعدة المتبادلة” و”المرونة المجتمعية”. فحين ضرب إعصار “هيلين” إحدى المناطق الريفية، قامت إحدى الناشطات اليساريات، مارغريت كيلجوي، بتحميل مؤونتها ومولدات الطاقة الشمسية في شاحنة والتوجه لمساعدة جيرانها السابقين.
هذا التوجه ينبع من قناعة بأن النجاة الحقيقية لا تتحقق بالانعزال، بل بالتعاون. كما توضح إليزابيث دور، مقدمة بودكاست “التحضير ليوم القيامة”: “قدرتك على تجاوز الكارثة تعتمد على مدى معرفة جيرانك بك، لأنهم أول من سيفقدك ويأتي للاطمئنان”.

المدن الآمنة؟ مفارقة ليبرالية
رغم الصورة النمطية التي ترسم المدن كمراكز للفوضى في أفلام الكوارث، يصر ستيفن على أن المدن، إن أحسنت التخطيط، قد تكون أكثر أمانًا من المزارع النائية. السبب؟ توفّر البنية التحتية المشتركة والموارد الجماعية. فكلما زاد عدد المستخدمين لنظام واحد، زادت فرص صيانته وتحديثه.
لكن التحديات تظل قائمة: فالمناطق الساحلية الجنوبية، بحسب “مؤشر ضعف المناخ” الذي عرضه ستيفن، ستكون أولى ضحايا ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع منسوب البحار. وهذا ما يدفع بعضهم للتفكير الجاد في “الهجرة المناخية” قبل فوات الأوان.
الجانب الروحي: من البقاء إلى المعنى
بالنسبة لكثير من الليبراليين، لم يعد الهدف هو “البقاء” بحد ذاته، بل كيف نعيش حياة ذات معنى في عالم يتداعى. ديفيد باوم، ناشط بيئي سابق في سياتل، غيّر مساره بعد أن أدرك أن ميزانيات الاستجابة للطوارئ تُوجه غالباً نحو التسليح، لا نحو الرعاية.
باوم، مستلهماً من أطروحة “التكيف العميق” للأكاديمي جيم بندل، بدأ مشروع “نادي الانهيار” – لقاءات افتراضية أسبوعية لمناقشة المشاعر المصاحبة لاحتمالية فناء الحضارة البشرية. بالنسبة له، النجاة ليست الهدف، بل الحفاظ على الإنسانية، والحكمة، والعلاقات في وجه المأساة.

الأمل وسط الانهيار
رغم قتامة المشهد، لا يرى الليبراليون في الاستعداد نهاية للحياة، بل بداية لفهم جديد لها. كما كتب بندل في كتابه Breaking Together عام 2023:
“البشرية في ورطة، لذا دعونا نبطئ وتيرتنا، نساعد بعضنا البعض، نكون ألطف مع الحيوانات والطبيعة، ندافع عن الحريات، نزرع الغذاء، نلعب، ونغفر لأنفسنا.”
هذا النمط من الاستعداد لا يسعى للهروب من الكارثة بقدر ما يسعى لفهمها والتكيّف معها، عبر التضامن، وإعادة اكتشاف المعنى، وتقبل المجهول.