قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين: مصير أوكرانيا في الميزان الدقيق

مع اقتراب اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، تلوح في الأفق مخاطر سياسية تتجاوز ميدان المعركة في أوكرانيا. فالمخاوف في العواصم الأوروبية تكمن في احتمال أن ينخدع ترامب بخطاب بوتين عن “السلام”، وهو سلام مشروط بالكامل بمصالح الكرملين. بوتين سيحضر إلى ألاسكا متسلحًا برواية مصممة بدقة لتتوافق مع قناعة ترامب بأنه يستطيع عقد “صفقة كبرى” بسرعة، بينما الهدف الحقيقي هو دفع واشنطن نحو الضغط على كييف لقبول تسوية مجحفة تعيد رسم حدودها لصالح روسيا.
حسابات بوتين: الحرب كأداة لاستنزاف أوكرانيا
منذ فشل خطته الأصلية في 2022 لإسقاط كييف خلال أسابيع، تحول بوتين إلى استراتيجية حرب الاستنزاف، معتمدًا على تفوقه العددي في القوات وقدرته على مواصلة القصف الجوي لإضعاف قدرة أوكرانيا على الصمود كدولة مستقلة. في نظره، أي اتفاق لا يمنح موسكو حق تقرير التوجه الاستراتيجي لأوكرانيا هو اتفاق غير شرعي. لذلك، حتى لو وقّع على هدنة مؤقتة، فسيكون ذلك تكتيكًا لالتقاط الأنفاس، لا تنازلًا عن أهدافه التوسعية.
ترامب بين إغراء الصفقة وضبابية الرؤية
ترامب الذي وعد بإنهاء الحرب خلال أيام من عودته إلى البيت الأبيض، يجد نفسه بعد سبعة أشهر أمام واقع يهدد صورته كـ”صانع صفقات”. بوتين يدرك ذلك، ويخطط لاستغلال رغبة ترامب في إنجاز سريع من خلال طرح أفكار غامضة عن “تبادل الأراضي” ووقف إطلاق النار، مع مطالب معروفة مسبقًا: ضم أراضٍ لم تسيطر عليها روسيا بعد، ونزع سلاح أوكرانيا بما يجعلها عرضة لأي هجوم مستقبلي. الخطورة تكمن في أن ترامب قد يخرج من اللقاء مكررًا حجج الكرملين، مقدّمًا مشروع تسوية يستحيل على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبوله.
المخاوف الأوروبية واحتمالات السيناريوهات
الدول الأوروبية، الداعمة الرئيسية لكييف، تخشى أن ينتهي الأمر بترامب إلى تبني خطة وقف إطلاق نار مشروطة بترتيبات إقليمية غير عادلة، ما يمنح بوتين ذريعة لاتهام أوكرانيا بإطالة أمد الحرب. وفي المقابل، هناك احتمال أقل تشاؤمًا بأن تحافظ شكوك ترامب الأخيرة تجاه بوتين على بعض الحذر، أو أن يتبين أن تقديرات الكرملين بشأن الانتصار الوشيك مبالغ فيها، خاصة إذا تراجعت قدرة الاقتصاد الروسي على تحمل العقوبات أو اهتزت الجبهة الداخلية.
الطريق إلى تسوية واقعية
أي تسوية محتملة في المستقبل القريب ستظل غير مكتملة، مع بقاء بعض الأراضي الأوكرانية تحت الاحتلال الروسي بشكل دائم، لكن مع ترتيبات ردع تحول الحرب الساخنة إلى صراع مجمد يشبه الوضع في شبه الجزيرة الكورية منذ 1953. ولتحقيق ذلك، يتعين على حلفاء أوكرانيا مواصلة الدعم العسكري والضغط الاقتصادي على موسكو، حتى يتغير ميزان الحوافز داخليًا لدى بوتين ويدفعه إلى قبول حل وسط. أما التحدي الفوري، فهو التعامل مع رئيس أمريكي ينظر إلى الحرب من منظور الصفقات الشخصية لا من منظور القيم أو الاستراتيجيات طويلة المدى.