النوبات الإقفارية العابرة قد تسبب تدهورًا معرفيًا يشبه السكتات الدماغية الكاملة
دراسة حديثة تؤكد تأثير الجلطات الدماغية الصغرى على القدرات الإدراكية مستقبلاً

في صباح أحد الأيام قبل نحو عشر سنوات، استيقظت كريستين كرامر على صوت نباح كلبها، لتجد نفسها غير قادرة على الكلام وتحريك يدها اليمنى. رغم ذلك، عادت إلى النوم دون أن تدرك خطورة ما حدث. تقول كرامر، وهي مديرة مكتب من ولاية إنديانا وتبلغ من العمر الآن 54 عامًا: “كان تصرفًا غبيًا… لم أكن أتصور أن الأمر قد يكون خطرًا”، خصوصًا أنها شعرت بتحسن بعد ساعة فقط.
تشخيص متأخر رغم الأعراض المستمرة
مع استمرار بعض الأعراض مثل تنميل الذراع، زارت كرامر طبيبها، الذي لم يجد شيئًا مقلقًا في الفحوصات. لكن لاحقًا، عندما بدأت تواجه صعوبة في الكلام وفقدت القدرة على توقيع اسمها، توجهت إلى الطوارئ بمساعدة أحد أقاربها. هناك، كشف التصوير بالرنين المغناطيسي عن تعرضها لسكتة دماغية صغيرة. وحتى اليوم، لا تعرف إن كانت الأعراض الأولى ناتجة عن “نوبة إقفارية عابرة”، لكنها تؤكد: “إذا تكررت تلك الأعراض، سأطلب المساعدة الطبية فورًا”.
نتائج بحثية جديدة تربط النوبات العابرة بالتدهور المعرفي
دراسة حديثة من جامعة ألاباما في برمنغهام، نُشرت في مجلة JAMA Neurology، أوضحت أن من تعرضوا لنوبة إقفارية عابرة معرضون لتدهور معرفي تدريجي خلال خمس سنوات، يشابه ما يواجهه المصابون بسكتة دماغية كاملة.
التأثيرات المعرفية طويلة الأمد متشابهة
أوضح الدكتور فيكتور ديل بيني، الأخصائي في علم النفس العصبي والمشرف على الدراسة، أن “معدل التدهور المعرفي لا يختلف كثيرًا بين من تعرض لسكتة دماغية ومن عانى من نوبة عابرة، إذا لم تحدث مضاعفات صحية أخرى”.
النوبات العابرة ليست “عابرة” فعلًا
أيد الدكتور إريك سميث، أستاذ علم الأعصاب بجامعة كالغاري، نتائج الدراسة، وكتب في افتتاحية مرافقة: “النوبة الإقفارية العابرة… ليست عابرة كما نعتقد”. وأكد في تصريح صحفي أن هذه النوبات، رغم أن أعراضها قد تختفي خلال دقائق، إلا أنها “تؤثر على المسار المعرفي للفرد وتزيد من احتمالية تطور الخرف لاحقًا”.
منهجية الدراسة ودقة التتبع
اعتمدت الدراسة على بيانات من أكثر من 30 ألف شخص تجاوزوا سن الـ45، ولم يسبق لهم الإصابة بسكتة دماغية أو نوبة إقفارية. وتميزت العينة بتوفر معلومات سابقة عن القدرات المعرفية للمشاركين، مما أتاح للباحثين تتبع التغيرات بدقة بعد وقوع أي نوبة أو سكتة.
نتائج متقاربة بين المجموعات المختلفة
تم تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات: من تعرضوا لنوبة إقفارية عابرة، ومن أصيبوا بسكتة دماغية، ومن لم تظهر عليهم أي أعراض. ومن خلال اختبارات معرفية دورية كل عامين، تبيّن أن التدهور الذهني لم يكن فوريًا بعد النوبة، لكنه ظهر تدريجيًا مع الوقت لدى من عانوا من TIA، حتى وصل إلى مستوى مشابه لتدهور من تعرضوا لسكتة دماغية.
أهمية التشخيص المبكر والاستجابة السريعة
تشير هذه النتائج إلى أهمية كبيرة في التعامل مع النوبات الإقفارية العابرة بجدية، فهي ليست مجرد تحذير مؤقت، بل مؤشر على تغيرات دماغية عميقة قد لا تظهر إلا بعد سنوات. التشخيص المبكر والاستجابة الفورية يمكن أن يكونا عاملاً حاسمًا في الحد من مضاعفاتها المستقبلية.