عرب وعالم

تايوان تتهم الصين بانتهاك القانون الدولي بسبب أنشطة حفر نفطيه في مياهها الاقتصادية

 

في تطور جديد من شأنه تأجيج التوترات في منطقة بحر الصين الجنوبي، اتهمت حكومة تايوان الصين بانتهاك القانون الدولي عبر القيام بأعمال حفر واستكشاف نفطية داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها. وجاء هذا الاتهام بعد تقارير أكدت وجود منصات نفطية وسفن صينية تعمل بالقرب من جزر “براتاس” المتنازع عليها، والتي تخضع حالياً لإدارة تايبيه. الخطوة الصينية، التي وُصفت بأنها استفزاز مباشر، أثارت مخاوف من تداعيات خطيرة على الاستقرار الإقليمي وأعادت فتح ملف النزاعات البحرية المزمنة في آسيا.

منصات نفطية صينية داخل المياه التايوانية

بحسب تقرير صادر عن مؤسسة “جامستاون فاونديشن” الأمريكية، فإن عدة منصات حفر وسفن تابعة لشركة النفط الصينية الوطنية البحرية (CNOOC) تمركزت في المنطقة الاقتصادية الخالصة لتايوان منذ ما يقرب من خمس سنوات، دون أن يعلن عن وجودها بشكل رسمي طوال تلك الفترة. وقد أكدت صحيفة “الغارديان” البريطانية هذه المعلومات بعد رصد المنصات عبر أنظمة تتبع بحرية مدنية تجارية الأسبوع الماضي.

الموقف الرسمي لتايوان

المتحدثة باسم مكتب الرئيس التايواني، كارين كوو، شددت على أن هذه الأنشطة تمثل “نشرًا غير قانوني واستغلالًا غير مشروع” للموارد البحرية، مطالبة بكين بـ”توضيح واضح” لأسباب وجود تلك المنصات، والتوقف الفوري عن عمليات الحفر. وأضافت أن الخطوة “لا تنتهك فقط قواعد القانون الدولي مثل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS)، بل تزعزع أيضًا النظام الدولي وتشكل تهديدًا لاستقرار المنطقة”.

خلفية قانونية معقدة

ورغم أن تايوان تستند في احتجاجها إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، إلا أنها ليست طرفًا رسميًا في هذه المعاهدة بسبب وضعها السياسي غير المعترف به على نطاق دولي، الأمر الذي يحد من قدرتها على استخدام الآليات القانونية للتحكيم أو تقديم الشكاوى الرسمية. كما أن حدود منطقتها الاقتصادية الخالصة لم تُرسم بدقة أو تُعتمد في التشريعات المحلية، مما يضعف موقفها القانوني عند محاولة مواجهة هذه الخروقات.

ردود أفعال الخبراء

محللون تحدثوا لـ”الغارديان” أكدوا أن بكين دأبت على استخدام الأنشطة الاقتصادية والتجارية كجزء من استراتيجيتها لتوسيع نفوذها والسيطرة التدريجية على المناطق المتنازع عليها. ويشير الخبراء إلى أن “غض الطرف” عن هذه الأنشطة لسنوات قد يرسّخ ما يُعرف بـ”التآكل التدريجي للسيادة”، وهو تكتيك تستفيد منه الصين لتثبيت واقع جديد على الأرض والبحر.

خيارات محدودة أمام تايوان

يرى وليام يانغ، المحلل البارز لدى “مجموعة الأزمات الدولية”، أن قدرة تايوان على مواجهة هذه التحركات محدودة للغاية في ظل ضعف إمكانياتها البحرية مقارنة بالصين. ويؤكد يانغ أن الخطوة الأولى يجب أن تكون توضيح الجهة الحكومية المسؤولة عن متابعة الملف، ثم وضع خطة دبلوماسية وقانونية متكاملة تشمل زيادة الدوريات التابعة لخفر السواحل وتعزيز التعاون مع الحلفاء الإقليميين.

أبعاد إقليمية أوسع

القضية لا تخص تايوان وحدها؛ فقد سبق لليابان أن احتجت على أنشطة مماثلة للصين داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة، كما رفعت فيتنام وكوريا الجنوبية شكاوى مماثلة خلال الأعوام الماضية. هذه التحركات تبرز اتساع دائرة النزاع البحري في آسيا، مما قد يمهد لتشكيل جبهة إقليمية موحدة لمواجهة “الأنشطة الرمادية” الصينية، خاصة إذا تمكنت تايوان من ربط قضيتها بالملفات الإقليمية الأوسع.

البعد الأمني والعسكري

وزارة الدفاع التايوانية أكدت أنها تتابع الوضع عن قرب، وأنها مستعدة لدعم خفر السواحل عند الحاجة، خصوصًا في محيط جزر “براتاس” التي تُعرف في تايوان بجزر “دونغشا”. ورغم أن المواجهة العسكرية المباشرة لا تزال احتمالًا بعيدًا، إلا أن استمرار النشاط الصيني في هذه المنطقة الحساسة قد يزيد من احتمالات التصعيد الأمني في المستقبل القريب.

مستقبل النزاع البحري في المنطقة

مع تزايد الاعتماد على مصادر الطاقة البحرية وتوسع أنشطة الاستكشاف، يبدو أن النزاع على المياه الاقتصادية الخالصة سيصبح أحد محاور الصراع الرئيسية بين الصين وجيرانها. وبالنسبة لتايوان، فإن الملف لا يقتصر على الدفاع عن الموارد الطبيعية فقط، بل يتعلق أيضًا بتثبيت شرعيتها الدولية والحفاظ على مكانتها في مواجهة الضغوط الصينية المتصاعدة.

اقرا ايضا

تراجع اليوان الصيني في 2سبتمبر 2025: تأثيرات اقتصادية وسياسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى