زعيم سوريا الجديد بين بريق نيويورك وأزمات الداخل

بعد مرور نحو عشرة أشهر على إطاحته بنظام بشار الأسد، يطلّ أحمد الشرع لأول مرة على الساحة الدولية من خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. لحظة وُصفت بأنها تاريخية، أعادت سوريا إلى المنبر الأممي بعد غياب ستة عقود. في مانهاتن، بدا الزعيم الجديد وكأنه يخطو بثقة نحو الاعتراف الدولي، مستفيدًا من لقاءات مع سفراء ووسطاء أميركيين، وصور التُقطت له مع شخصيات بارزة.
لكن خلف الأضواء، يواجه الرجل تحديات داخلية معقّدة: عقوبات اقتصادية خانقة، انتخابات برلمانية مثيرة للجدل، اتهامات بالمحسوبية، وأزمات طائفية تهدد الاستقرار. هذه التناقضات تثير تساؤلات جدّية حول قدرة الشراء على تحويل زخم الدبلوماسية الخارجية إلى شرعية راسخة في الداخل.
من دمشق إلى نيويورك: عودة سوريا إلى الأمم المتحدة
بعد نحو عشرة أشهر على إطاحته بنظام بشار الأسد، ألقى أحمد الشرع خطابًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليعيد سوريا إلى المنبر الأممي بعد غياب استمر ستة عقود. ظهوره في نيويورك شكّل لحظة فارقة، إذ التقى شخصيات أميركية بارزة والتُقطت له صور مع جنرالات ودبلوماسيين.
العقوبات والقيود الأميركية: عقدة “قانون قيصر”
رغم الانفتاح النسبي، ما زالت العقوبات الأميركية الخانقة قائمة، وعلى رأسها قانون “قيصر”. واشنطن تضع شروطًا معقدة لرفعه، فيما يحاول الشرع تقديم ضمانات علنية بأن سوريا لن تشكل تهديدًا لأي دولة، مقابل صفقات تخفيف التصعيد في الجنوب ووقف الضربات الإسرائيلية.
بين الوعود والشبهات: إدارة الدولة على خطى الأسد؟
داخل سوريا، يواجه الشراء انتقادات متزايدة. وعوده بالشمولية لم تُترجم إلى واقع ملموس، بل بدأت تتردد اتهامات بالمحسوبية، مع تعيين أقاربه في مناصب حساسة وانتقال وزير خارجيته إلى قصر رئاسي سابق، مما أثار شكوك رجال الأعمال والنخب السياسية حول مصداقية التغيير.
انتخابات بلا منافسة: شرعية ناقصة
الانتخابات البرلمانية المرتقبة تثير قلق المراقبين الدوليين. القوائم مصفّاة والدوائر محددة مسبقًا، بينما تُستبعد المعارضة الحقيقية وتظل الأحزاب محظورة، ما يضعف فرص بناء شرعية قائمة على حكم القانون والمشاركة الشعبية.
الأقليات والاضطرابات الطائفية: تهديد للاستقرار
تصاعد العنف الطائفي زعزع ثقة الأقليات، خصوصًا بعد أحداث السويداء ورفض القوات الكردية الانخراط في تسويات أمنية. هذه التوترات كشفت أن سيطرة الشرع على الأجهزة الأمنية ليست كاملة، ما يثير مخاوف من انفجار داخلي يعرقل أي تقدم دبلوماسي.
واشنطن تراقب: هل يفشل التحول الدبلوماسي؟
رغم دعم بعض الوسطاء له في واشنطن، يدرك المسؤولون الأميركيون أن أي انتفاضة أو مجزرة داخلية قد تعصف بجهوده لإعادة إدماج سوريا في المجتمع الدولي، وتعيد فرض العقوبات بشكل أشد.
دبلوماسية براقة.. وداخل مأزوم
رحلة أحمد الشرع إلى نيويورك مثّلت لحظة دعائية ودبلوماسية مهمة، لكنها لا تكفي لتعويض غياب الشرعية الداخلية. الطريق أمامه يمر عبر تعزيز حكم القانون، فتح المجال السياسي، وضمان الأمن للأقليات، وإلا سيبقى بريق الخارج مهددًا بالذبول أمام أزمات الداخل.
اقرأ أيضاً:
رمزية جوفاء : الدولة الفلسطينية المصطنعة لدى الغرب .