عارضات المقاسات الكبيرة يواجهن التهميش من جديد
من "إيجابية الجسد" إلى "حقن التخسيس": أين اختفى التنوع

لفترة وجيزة، بدا أن صناعة الأزياء كانت تخطو بثقة نحو مزيد من الشمول والتنوع، لكن موجة أدوية إنقاص الوزن، مثل Ozempic، إلى جانب الهجوم المتصاعد على “اليقظة” الاجتماعية، أعادت عقارب الساعة إلى الوراء، بحسب العديد من العارضات.
في عام 2021، كانت سكاي ستاندلي إحدى النجمات الصاعدات في مجال عرض الأزياء، إذ تألقت في حملات إعلانية لأسماء كبرى مثل Dolce & Gabbana وGanni وSavage X Fenty لنجمة البوب ريهانا. غير أن العام الماضي كان من أصعب سنواتها، حيث تقلّصت فرص العمل بشكل حاد.”العامان الماضيان كانا مليئين بالتحديات”، تقول ستاندلي، مضيفة: “لاحظت تراجعًا كبيرًا في عدد العروض والفرص، حتى من العلامات التجارية التي سبق أن عملت معها. أشعر وكأننا نعود إلى الوراء”.

رغم المكاسب التي حققتها حركة إيجابية الجسد خلال العقد الأخير، فإن عودة “مثال النحافة” لم تكن مفاجئة بالكامل. البعض يعزوها إلى ثقافة “الرفاهية” التي تمجّد الأجسام النحيلة، أو إلى عودة موضة التسعينيات وما رافقها من أجسام “هيروين شيك”، أو حتى إلى الحملة المضادة ضد التنوع التي يقودها بعض المحافظين.
تقول ستاندلي:”نشهد الآن تمييزًا واضحًا بين من شاركوا في الحركة بدافع الإيمان بها، ومن انضموا فقط لأنها كانت رائجة حينها”.
وبالنسبة للعارضة والناشطة تيس هوليداي، فقد بدا أن الحقبة الماضية كانت أشبه بـ”نهضة” في عالم الأزياء، لكنها تؤكد أن الأمور تدهورت بسرعة.”الهبوط كان حادًا ومفاجئًا، إلى درجة أنني شعرت وكأن التقدّم الذي تحقق لم يكن له أي أثر حقيقي”.
أما العارضة فيليسيتي هايوارد، فتؤكد أن عام 2023 كان نقطة تحول حاسمة. فقد بدأت ملاحظة التراجع في عدد العارضات من ذوات المقاسات الكبيرة على المنصات العالمية، لا سيما بعد دخول أدوية مثل أوزيمبيك إلى الصناعة. وتقول إن الأرقام لا تكذب:

-
في نيويورك، انخفض عدد العارضات ذات المقاسات الكبيرة من 70 في عام 2023 إلى 23 فقط في العام الحالي.
-
في لندن، كان العدد 80 العام الماضي، لكنه تراجع إلى 26 هذا العام.
بعض المصممين، مثل سينيد أودواير، حافظوا على التزامهم بالتنوع، لكنهم استثناء لا القاعدة. تضيف هايوارد:”كثير من العارضات اللاتي كنّ يعملن كمقاس 16 أو 18، أصبحن الآن مقاس 12. من المؤلم رؤية التمثيل يتقلّص حتى داخل الفئة التي كان يُفترض أن تكون صوتنا”.
العارضة والناشطة نيومي نيكولاس-ويليامز تشاركها الرأي، وتقول إنها شعرت دائمًا أن “القبول كان مؤقتًا”. رغم أن فترة ازدهارها في 2021 كانت مليئة بالفرص، فإن السنوات الأخيرة شهدت تراجعًا كبيرًا، وهي اليوم تبحث عن عمل بدوام جزئي بسبب ندرة الفرص.”مرهق أن تستمر في القتال لمجرد أن تجد ملابس تناسب مقاسك، أو لتُعامل بجدية من قبل العلامات التجارية”، تقول نيكولاس-ويليامز.

وتضيف:”أشعر أحيانًا وكأنني كنت جزءًا من ديكور شكلي، لخلق وهم بأن هناك تغييرًا حقيقيًا”.
أما الحقيقة المُرّة؟ الكثير من هذه المبادرات كانت سطحية، واستُخدمت فقط كمظهر مؤقت للتماشي مع “موضة التنوع”، كما ترى ستاندلي:”عندما تكون على أرض الواقع، تدرك أن الملابس لا تُصمم لتناسبك، وأنك تبذل ثلاثة أضعاف الجهد فقط لتثبت أنك تستحق فرصة”.
حتى في فترات الزخم، كانت هناك مشكلات في توفير عينات ملابس تناسب أجساد العارضات. تؤكد إيما ماتيل، إحدى أبرز مديرات اختيار العارضات الداعمات للتنوع، أن الكثير من العارضات الموهوبات لم يعُدن يتلقين عروضًا، رغم كفاءتهن.

من ناحية أخرى، تؤمن ماتيل أن بعض التقدّم قد ترسّخ في وعي المستهلكين، وتقول:”المستهلك بات يرى نفسه في تلك العارضات، وسيبدأ بالمطالبة بهذا التمثيل مجددًا، خاصة مع تغيّر الأجيال”.
رغم كل التحديات، ما زالت ستاندلي ترى أن لها دورًا في تمثيل مجتمعها، وتقول:”أحاول أن أغير السرد السائد حول ما يعنيه أن تكون زائد الوزن – في الحياة وفي هذه الصناعة أيضًا”.