صفقة الكل أو لا شيء: واشنطن وتل أبيب تطرحان حلاً نهائياً لحرب غزة
مفاوضات غزة: هل تنجح صفقة الرهائن في إنهاء الحرب الدائرة؟

بعد أشهر من التركيز على التوصل إلى هدنة مؤقتة في غزة مدتها 60 يومًا تتضمن الإفراج عن جزء من الرهائن، يبدو أن واشنطن وتل أبيب تتجهان إلى تغيير استراتيجي في أسلوب التفاوض، عبر الدفع نحو اتفاق شامل ينهي الحرب ويشمل الإفراج عن جميع الرهائن دفعة واحدة. هذا التحول في النبرة السياسية يأتي وسط ضغوط داخلية متزايدة على الحكومة الإسرائيلية، التي تواجه انتقادات دولية حادة بسبب أزمة الجوع التي تعصف بالسكان البالغ عددهم نحو مليوني شخص في القطاع، نتيجة القيود الصارمة التي فرضتها على دخول المساعدات خلال الأشهر الأخيرة. ومع أن التصريحات الجديدة توحي بمرونة أكبر، إلا أن الفجوة بين شروط إسرائيل ومطالب حركة حماس لا تزال عميقة، ما يجعل فرص التوصل إلى تسوية شاملة في المدى القريب ضعيفة، خاصة في ظل استمرار تمسك الجانبين بمواقفهما الجوهرية.
ضغط داخلي على حكومة نتنياهو
تزايدت المطالب داخل إسرائيل بضرورة التحرك العاجل لإنقاذ نحو 20 رهينة لا تزال على قيد الحياة في غزة، في حين يُعتقد أن جثامين 30 آخرين ما زالت محتجزة هناك. صدمة الرأي العام ازدادت مع بث مقاطع مصورة لرهينتين في حالة هزال شديد، ما عمّق الشعور بالخوف بين عائلات المحتجزين ودفع لمزيد من الاعتصامات والمظاهرات في تل أبيب ومدن أخرى.
طرح أمريكي بدعم من ترامب
ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط، أكد خلال لقائه بعائلات الرهائن أن الإدارة الأمريكية تدعم الآن فكرة الإفراج عن جميع الرهائن دفعة واحدة، مضيفًا: “لا صفقات مجزأة، هذا لا ينجح”. ووفق مصادر إسرائيلية، فإن ترامب ونتنياهو يعملان على صياغة مقترح جديد يتضمن إنذارًا نهائيًا لحماس: إما الإفراج الكامل عن الرهائن مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين وقبول شروط لإنهاء الحرب، تشمل نزع السلاح، أو استمرار الحملة العسكرية الإسرائيلية.
موقف حماس من الطرح الجديد
قيادات في حماس، بينها محمود مرداوي، أكدوا أن الحركة لم تتلق أي عرض رسمي عبر الوسطاء العرب بشأن صفقة شاملة، لكنها من حيث المبدأ تدعم اتفاقًا ينهي الحرب ويشمل ترتيبات “اليوم التالي”. ومع ذلك، شدد مرداوي على أن نزع سلاح الحركة ليس مطروحًا، معتبرًا أن هذا الشرط الإسرائيلي يتعارض مع مطلب إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما ترفضه الحكومة الإسرائيلية.
فجوة سياسية وميدانية عميقة
رغم أن بعض استطلاعات الرأي في إسرائيل تشير إلى دعم شعبي لفكرة صفقة شاملة تعيد الرهائن وتنهي القتال، إلا أن كثيرين يرون أن الشروط التي تضعها الحكومة اليمينية المتشددة تجعل الاتفاق غير واقعي. المتحدثة باسم عائلات الرهائن المفرج عنهم، إفرات ماتشيكاوا، وصفت التصريحات الرسمية عن صفقة شاملة بأنها “شعارات فارغة” لا تتماشى مع الواقع الميداني أو السياسي.
البعد الإنساني للأزمة
أزمة الجوع المتفاقمة في غزة أصبحت عنصرًا رئيسيًا في المفاوضات غير المباشرة. فبينما تتهم إسرائيل حماس بتحويل مسار المساعدات، يؤكد مسؤولون عسكريون إسرائيليون أنهم لم يجدوا أدلة على سرقة منظمة للمساعدات الأممية. وفي ظل تسجيل أكثر من 60 ألف قتيل منذ اندلاع الحرب، وفق وزارة الصحة في غزة، تتزايد الدعوات الدولية لإدخال مزيد من المساعدات عبر البر، إذ يرى مراقبون أن استمرار الأزمة الإنسانية يقلل من فرص أي حوار سياسي مثمر.
خلفية النزاع وأرقامه
بدأت الحرب في 7 أكتوبر 2023 عقب هجوم قادته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص وأسر نحو 250 آخرين. منذ ذلك الحين، أُفرج عن أكثر من 100 رهينة خلال هدن مؤقتة، بينما استعادت القوات الإسرائيلية جثامين بعضهم خلال عمليات في القطاع. إلا أن تباطؤ التفاوض على صفقات جديدة جعل ملف الرهائن أحد أبرز محاور الجدل السياسي الداخلي.
رؤية العائلات لما بعد التحول
روبي تشين، والد الجندي الأمريكي-الإسرائيلي إيتاي تشين الذي يُعتقد أنه قُتل في الأسر، قال إن الإدارة الأمريكية أدركت بعد ستة أشهر أن الصفقات الجزئية غير عملية، معتبرًا أن الوقت الضائع كان يمكن أن يستغل في مسار أكثر شمولية. لكنه أشار أيضًا إلى أن أي تحول في الموقف الأمريكي أو الإسرائيلي لن يكون ذا جدوى إذا لم يرافقه توافق على الشروط الجوهرية.