عربي وعالمي

فايننشال تايمز: نفي الكرملين لقمة ثلاثية يكشف لعبة موسكو السرّية لعزل زيلينسكي

في خضم التساؤلات المتزايدة حول فرص السلام في أوكرانيا، خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتصريح أكد فيه أنه لا يمانع من حيث المبدأ عقد لقاء مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لكنه شدد على أن “الظروف اللازمة لعقد مثل هذا اللقاء لم تتوفر بعد”. هذا التصريح جاء متزامنًا مع ما ذكره الكرملين عن بدء تحضيرات لقمة ثنائية تجمع بوتين بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خطوة تعكس مجددًا نهج موسكو الذي يميل إلى الحوار الانتقائي وليس الشامل.

تحضيرات لقمة ثنائية مع ترامب وسط تكهنات أمريكية بقمة ثلاثية

التكهنات بشأن لقاء ثلاثي بين بوتين وترامب وزيلينسكي بدأت تتصاعد بعد زيارة المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، إلى موسكو. وسائل الإعلام الأمريكية نقلت أن المحادثات تطرقت إلى إمكانية عقد هذا اللقاء الثلاثي ضمن جهود أمريكية جديدة لحلحلة الأزمة الأوكرانية. غير أن الكرملين سارع إلى نفي هذه الرواية، معتبرًا أن مثل هذه المقترحات كانت “مجرد ذكر من الجانب الأمريكي”، ولم تخضع لأي نقاش رسمي.

 

“وسائل الإعلام الأمريكية نقلت أن المحادثات تطرقت إلى إمكانية عقد هذا اللقاء الثلاثي ضمن جهود أمريكية جديدة لحلحلة الأزمة الأوكرانية.”

موسكو تتمسك بالمسار الثنائي وتُحجم عن النقاش الثلاثي

يوري أوشاكوف، مستشار الرئيس بوتين للشؤون الخارجية، أكد أن الجهود الحالية تتركز فقط على التحضير للقمة الثنائية مع ترامب، فيما تجاهل تمامًا الحديث عن أي مشاركة أوكرانية. هذا النفي يعكس موقفًا روسيًا ثابتًا يفضل ترتيب الأمور مع القوى الكبرى أولاً، مع ترك أوكرانيا على الهامش، وهو ما يثير قلق كييف وعدد من العواصم الأوروبية التي تصر على ضرورة أن تكون أوكرانيا طرفًا في أي مفاوضات تخص مستقبلها.

 

“أوشاكوف، مستشار الرئيس بوتين للشؤون الخارجية، أكد أن الجهود الحالية تتركز فقط على التحضير للقمة الثنائية مع ترامب، فيما تجاهل تمامًا الحديث عن أي مشاركة أوكرانية”.

الإمارات مرشحة لاستضافة قمة بوتين-ترامب المقبلة

في تطور آخر لافت، لمح بوتين إلى أن دولة الإمارات قد تكون المكان الأنسب لعقد القمة الثنائية المحتملة مع ترامب. وقد جاء هذا التصريح أثناء لقائه مع رئيس الدولة محمد بن زايد في الكرملين، حيث أعرب عن ثقته في قدرة الإمارات على تنظيم مثل هذه الأحداث، مشيدًا بمتانة العلاقات مع القيادة الإماراتية.

مخاوف أوروبية من استبعاد كييف من المفاوضات

إمكانية عقد قمة بين بوتين وترامب دون حضور زيلينسكي أثارت قلقًا متزايدًا لدى كييف وحلفائها الأوروبيين.

فبالنسبة لهم، لا يمكن الحديث عن تسوية جادة دون مشاركة مباشرة من الطرف الأوكراني، خاصة أن أي اتفاق يتم التوصل إليه دون كييف سيكون عرضة للتشكيك في شرعيته وقدرته على الصمود.

 

“حضور زيلينسكي أثارت قلقًا متزايدًا لدى كييف وحلفائها الأوروبيين.”

روسيا تراهن على “قمة الكبار” كأداة التفاف على الحلفاء

المقاربة الروسية تقوم على فكرة قمة تجمع “الكبار” فقط، وتحديدًا موسكو وواشنطن، بما يسمح لها بإعادة رسم قواعد اللعبة الإقليمية دون تدخلات أوروبية. ويُفهم من تصريحات كيريل ديمتريف، المستشار الاقتصادي للكرملين، أن موسكو ترى في الاجتماع مع ترامب فرصة لشرح مواقفها وتفنيد ما تصفه بـ”حملات التضليل” التي تشنها بعض الدول الأوروبية داخل الإدارة الأمريكية.

زيلينسكي يتحرك دبلوماسيًا لتنسيق المواقف مع الحلفاء

بعد مغادرة ويتكوف موسكو، أجرى ترامب مكالمة هاتفية مع زيلينسكي، شارك فيها أيضًا الأمين العام لحلف الناتو مارك روته وعدد من القادة الأوروبيين. وعلى الفور، بدأ الرئيس الأوكراني جولة اتصالات موسعة مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مؤكدًا أن “البحث عن حلول حقيقية يجب أن يتم على مستوى القادة”، في دعوة غير مباشرة لتوسيع دائرة المشاركين في أي حوار مستقبلي.

 

رغبة أوكرانية في مفاوضات مباشرة برعاية دولية

زيلينسكي لم يُخف رغبته في عقد لقاء مباشر مع بوتين، مع وجود طرف ثالث ضامن مثل ترامب أو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. لكنه في الوقت نفسه، بدا واقعيًا حين أقر بأن فرص عقد مثل هذا اللقاء لا تزال بعيدة، خاصة في ظل تعثر جولات التفاوض السابقة التي جرت في تركيا، والتي لم تسفر عن نتائج تذكر بسبب ضعف التمثيل الروسي وجمود المواقف.

تشدد مفاجئ في خطاب ترامب تجاه موسكو

في تحوّل لافت، بدأ ترامب مؤخرًا في استخدام نبرة أكثر حدة ضد روسيا، إذ وصف الهجمات المتواصلة على المدنيين في أوكرانيا بأنها “مقززة”، وهدد بفرض حزمة جديدة من العقوبات إذا لم يتم إحراز تقدم ملموس قبل حلول يوم الجمعة القادم. هذه التصريحات قد تعكس ضغوطًا داخلية يتعرض لها ترامب مع اقتراب الانتخابات، أو رغبة في تحسين أوراقه التفاوضية قبيل القمة المحتملة مع بوتين.

عقوبات مرتقبة تشمل الهند بسبب واردات النفط الروسي

تواصل واشنطن خطواتها العقابية ليس فقط ضد موسكو، بل أيضًا ضد من تسهّل لها الالتفاف على العقوبات. فقد أعلنت فرض رسوم جمركية جديدة على الهند بسبب شرائها وإعادة تصديرها للنفط الروسي، في خطوة تؤكد أن إدارة ترامب ماضية في تضييق الخناق على شبكة الدعم غير المباشر للاقتصاد الروسي.

 

تفاؤل روسي بمستقبل العلاقات مع واشنطن رغم التوتر

رغم التباينات الواضحة، خرج الكرملين بتصريحات متفائلة بعد زيارة ويتكوف، حيث وصف أوشاكوف المحادثات بأنها كانت “عملية وبنّاءة”، وأشار إلى أنها وضعت أسسًا لرؤية جديدة للعلاقات الروسية-الأمريكية، تتجاوز خلافات السنوات الماضية وتفتح الباب لتعاون “متكافئ ومربح للطرفين”.

“تتجاوز خلافات السنوات الماضية وتفتح الباب لتعاون “متكافئ ومربح للطرفين”.

البيت الأبيض: اللقاء قد يحدث قريبًا ولكن بشروط

الرئيس ترامب لم يتأخر في تأكيد احتمال انعقاد القمة، مشيرًا في تصريح مقتضب إلى أن اللقاء “قد يتم قريبًا جدًا”. غير أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بدا أكثر تحفظًا، إذ شدد على أن هناك “الكثير من الأمور التي يجب أن تتضح” قبل تحديد موعد اللقاء، ما يشير إلى وجود خلافات داخل الإدارة الأمريكية حول شكل وتوقيت القمة.

قمة محتملة قد تُعيد تشكيل المعادلة الإقليمية

إن حدث اللقاء بين ترامب وبوتين فعلًا، فسيكون الأول من نوعه بين رئيسي الولايات المتحدة وروسيا منذ قمة جنيف التي جمعت بوتين بجو بايدن عام 2021. هذه القمة المرتقبة قد تعيد رسم ملامح الأزمة الأوكرانية وتفتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية، خاصة إذا ما ترافقت مع التزامات واضحة بوق .

اقرأ أيضاً:

المستشار محمود فوزي: تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر لا تعنى الطرد

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى