عربي وعالمي

«الجارديان»: حملة أردوغان على المعارضة تُهدد ما تبقى من الديمقراطية في تركيا

اعتقال إمام أوغلو ونواب المعارضة يفتح الباب أمام عهد أكثر قمعًا.. واقتصاد يترنح تحت وطأة العزلة

قالت صحيفة الجارديان البريطانية إن تركيا تدخل مرحلة خطيرة من التدهور الديمقراطي، بعد أن شن الرئيس رجب طيب أردوغان حملة قمع موسعة ضد المعارضة، بدأت باعتقال عمدة إسطنبول الشهير أكرم إمام أوغلو، وامتدت لتشمل قيادات من حزب الشعب الجمهوري، وتهدد مستقبل الحياة السياسية التعددية في البلاد.

إسطنبول مجددًا في قلب العاصفة

اعتقال إمام أوغلو، الذي يُعد أبرز منافس لأردوغان، في 19 مارس الماضي، أشعل سلسلة من الأحداث اعتبرتها الصحيفة البريطانية “مفصلية لمستقبل الديمقراطية في تركيا”. وبعد أن فشل حزب العدالة والتنمية مرتين (2019 و2024) في استعادة إسطنبول بالوسائل الديمقراطية، اتجه أردوغان، حسب تعبير الصحيفة، إلى “الوسائل القذرة” – بالسجن بدلاً من صناديق الاقتراع.

قضاء مسيّس وسجون متخمة

تحتل تركيا المرتبة الأولى في أوروبا من حيث عدد السجناء، وفقًا لمجلس أوروبا، حيث يوجد بها ثلث السجناء في القارة، ويعاني النظام السجني من اكتظاظ بنسبة 20%. وتخطط الحكومة لبناء 11 سجنًا جديدًا هذا العام، ليصل العدد الإجمالي إلى 414 سجنًا.

ولا تزال تُستخدم تهم “إهانة الرئيس” و”نشر معلومات مضللة” كأدوات لقمع الأصوات المعارضة. ففي عام 2022، تم تسجيل 7,712 قضية بتهمة إهانة أردوغان، وانخفض الرقم قليلًا إلى 6,879 في 2023، لكن روح القمع لا تزال حاضرة.

قانون التضليل وسيف الإعلام

يشير التقرير إلى أن قانون “مكافحة التضليل”، الذي أُقر في 2022، أصبح أداة لتجريم الصحافة المستقلة، وأدى إلى قمع واسع ضد الصحفيين المحليين والأجانب على حد سواء. وفي مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2025، احتلت تركيا المرتبة 159 من أصل 180، بين باكستان وفنزويلا.

ضربات متلاحقة لحزب الشعب الجمهوري

لم يتوقف الاستهداف عند إمام أوغلو، إذ تم اعتقال 30 شخصية أخرى، بينهم رؤساء بلديات تابعين لحزب الشعب الجمهوري في أنطاليا وأضنة وأديامان. كما تم اعتقال محامي إمام أوغلو، ما دفع مئات المحامين إلى تنظيم احتجاجات قمعتها الشرطة.

كما تواجه قيادة الحزب دعوى قضائية تطعن في شرعية انتخاب أوزغور أوزال زعيمًا للحزب في نوفمبر 2023. ويخشى مراقبون أن يكون الهدف النهائي هو استبداله بوصي حكومي، كما حدث مع رؤساء بلديات الأكراد سابقًا، في خطوة من شأنها إنهاء التنافسية السياسية فعليًا.

الشباب التركي ينبذ أردوغان

رغم الخطاب الرسمي الذي يغازل الشباب، تكشف استطلاعات الرأي أن الفئة العمرية بين 18 و34 عامًا ترفض الرئيس. ففي استطلاع أخير، حصل أردوغان على دعم 26% فقط منهم، مقابل 62% لإمام أوغلو.

أزمة اقتصادية بلا أفق

أدت الأحداث السياسية إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية. فقد خسر البنك المركزي التركي أكثر من 50 مليار دولار في محاولة فاشلة للدفاع عن الليرة، بينما يفر المستثمرون من السوق. ورغم أن الأرقام الرسمية تدعي أن التضخم انخفض إلى 35% في يونيو، فإن التقديرات المستقلة تشير إلى أنه يقترب من 74%.

يحاول وزير المالية محمد شيمشك العودة إلى السياسات “العقلانية”، لكنه يواجه مقاومة من الداخل، ومجرد استقالته قد تُطلق عاصفة اقتصادية عاتية.

القضاء.. شعار بلا مضمون

في خطاب له أمام القضاة الجدد العام الماضي، شدد أردوغان على أن “استقلال القضاء هو أساس التقدم الاقتصادي”. لكن ما يجري على الأرض – من محاكمات مسيّسة واعتقالات بالجملة – يضع هذه الكلمات في خانة التناقض، بحسب الجارديان.

اقرأ أيضًا:

تركيا وإسبانيا تبنيان أكبر حاملة طائرات أوروبية: طموح استراتيجي يعيد رسم موازين القوة

رحمة عماد

صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى