المعتقلون المغيبون في سوريا… جرح الوطن المفتوح
عشرات الآلاف من المعتقلين السوريين ما زالوا مجهولين المصير في سجون لا يُعرف عنها شيء.

رغم مرور أكثر من عقد على انطلاق شرارة الثورة السورية، لا يزال عشرات الآلاف من المعتقلين في غياهب المجهول، مختفين في زنازين النظام، بلا تهم، بلا محاكمات، بلا أثر.
منذ عام 2011، تحوّلت السجون والأفرع الأمنية إلى مسالخ صامتة، تحصد الأرواح وتكتم أنفاس من تجرأوا على الحلم. الاعتقال في سوريا لم يكن إجراءً أمنياً، بل كان سلاحاً لإخماد الأمل.
في كل بيت سوري قصة غياب، في كل حي حكاية انتظار، وفي كل قلب أمّ شمعة لا تنطفئ.
سوار… الأخ الذي لم يعد
في مساء 29 يوليو/تموز 2012، كان سوار في طريقه من القامشلي إلى منزله. شاب في العشرينات من عمره، لا يحمل سلاحاً ولا انتماء سياسياً، فقط كلمات حالمة بمستقبل بسيط. على حاجز “القطيفة” توقف الزمن. تم اعتقاله واختفى منذ تلك اللحظة.
الأسرة طرقت كل الأبواب، دفعت الرشاوى، توسلت، وانتظرت. قيل إنه في الأمن العسكري، ثم في فرع فلسطين. قيل كل شيء، إلا الحقيقة.
سوار لم يغب عن ذاكرة أهله. تحول اسمه إلى دعاء على لسان والدته، ودمعة لا تجف في عين والده. لكنه ليس وحده.
أين هم؟
محمد وبشير… اعتقلهم النظام وهما نائمان.
غياث… اعتُقل وهو في طريقه لشراء الخبز.
سوريا… الوطن الذي صار يبتلع أبناءه ويُنكرهم.
هل ما زالوا أحياء؟ هل يسمعوننا؟ هل تحولوا إلى أرقام في تقارير المنظمات؟ أم طواهم النسيان في مقابر لا شواهد لها؟
ضحايا بلا أرقام
وفق تقديرات منظمات حقوق الإنسان، يتجاوز عدد المختفين قسرياً منذ 2011 حاجز 100 ألف، لكن الحقيقة قد تكون أسوأ. النظام دمّر السجلات، أحرق الجثث، وسوّى المقابر بالجرافات.
بعد سقوط النظام… هل تعود العدالة؟
في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، سقط النظام ورفعت رايات الثورة، لكن الجرح لم يلتئم. ما زال السؤال قائماً: أين المعتقلون؟ من سيُحاسب الجلادين؟ من سيعيد الأسماء والصور إلى الذاكرة الوطنية؟
الحرية… اسم أخي
الحرية ليست شعاراً، بل وجهاً نشتاق إليه، وصوتاً انقطع داخل الزنازين. العدالة ليست بياناً، بل محاكمة عادلة لمن صادروا الطفولة والكرامة والحياة.
والوطن؟
الوطن هو المكان الذي لا يُعتقل فيه الإنسان لأنه حلم.