تقارير التسلح

الخيار النووي الكوري الجنوبي يدخل النقاش الأميركي

مع اقتراب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من إعلان أول “استراتيجية وطنية للدفاع”، يشتد النقاش في واشنطن حول مستقبل الردع النووي ودوره في حماية الحلفاء، خاصة في آسيا. القضية الأبرز هي ما إذا كان على الولايات المتحدة الاستمرار في منع حلفائها من امتلاك أسلحة نووية، أم السماح لهم بتطوير قدراتهم الخاصة إذا تراجعت الالتزامات الأميركية. الباحثة جينيفر كافاناغ، من مركز “ديفنس بيراوريتز”، لفتت إلى أن التوجهات الجديدة داخل البنتاغون قد تمهد لقبول “انتشار نووي محدود” بين الحلفاء، خصوصًا كوريا الجنوبية واليابان، وهو ما يمثل تحولًا تاريخيًا في العقيدة الأميركية المستمرة منذ عقود.

 

تحولات في التفكير الاستراتيجي الأميركي

 

كافاناغ أوضحت أن مجموعة من الاستراتيجيين، يُطلق عليهم “المقيّدون”، يرون أن على واشنطن تخفيف التزاماتها الدولية. هؤلاء، ومن بينهم إلبرج كولبي المشرف على صياغة الاستراتيجية الدفاعية، يعتبرون أن أي تقليص في الوجود العسكري الأميركي بالخارج يجب أن يقابله استعداد للسماح للحلفاء بتطوير وسائل ردع مستقلة. هذا الموقف يتناقض مع السياسة الأميركية التقليدية التي لطالما عارضت انتشار الأسلحة النووية، حتى بين أقرب الشركاء. لكنهم يجادلون بأن تغيّر موازين القوى العالمية يستدعي إعادة النظر في المعاهدات القائمة.

 

ضغوط على سيول وسط تهديدات بيونغ يانغ

 

الجدل يزداد حدة في كوريا الجنوبية حيث تتنامى المخاوف من قدرات الشمال النووية والصاروخية. سيول تجد نفسها أمام معادلة صعبة: الاعتماد المستمر على المظلة الأميركية أو البحث عن برنامج ردع وطني. مع ضغوط ترامب المستمرة لزيادة الإنفاق الدفاعي للحلفاء، يرى محللون أن انسحابًا أو تقليصًا في القوات الأميركية قد يدفع الكوريين الجنوبيين إلى تطوير سلاح نووي خاص بهم. مثل هذا التحول قد يخل بتوازن معاهدة حظر الانتشار النووي، ويفتح الباب أمام مواجهة مع الصين وروسيا المعارضتين لأي سباق تسلح جديد في المنطقة.

 

تداعيات إقليمية محتملة

 

أنصار الخيار الأكثر مرونة يعتبرون أن امتلاك الحلفاء لسلاح نووي قد يخفف العبء عن الجيش الأميركي ويعزز مصداقية الردع. لكن معارضين يحذرون من أن هذه الخطوة قد تفجر سباق تسلح إقليمي، حيث قد تتحرك اليابان وتايوان أيضًا نحو الخيار النووي. مثل هذا السيناريو لن يهدد استقرار آسيا فحسب، بل سيضعف المصداقية الأميركية على المستوى الدولي. في المقابل، يرى أنصار هذا التوجه أن الوقت قد حان لإشراك الحلفاء بشكل أكبر في تأمين مستقبلهم الدفاعي بدلًا من الاعتماد الكامل على واشنطن.

 

مستقبل مفتوح على احتمالات متعددة

 

الوثيقة الدفاعية المرتقبة من البنتاغون ستضع الصين في صدارة التحديات، لكنها قد تتضمن أيضًا تلميحات بترك باب الردع النووي مفتوحًا أمام الحلفاء. كافاناغ أشارت إلى أن القوات الأميركية قد تبقى مستقرة في كوريا الجنوبية على المدى القريب، لكن خلال العقد المقبل قد تقلص واشنطن وجودها. وإذا حدث ذلك، فإن استثمار سيول في دفاع مستقل، بما فيه خيارات نووية، قد يصبح الخيار الوحيد لضمان السيادة الوطنية، ما يجعل النقاش حول النووي أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

 

اقرأ  أيضاً

روسيا تكشف «سارما».. قاذفة صواريخ ذكية تجمع بين الدقة والمرونة

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى