ترامب يتخلى عن أوكرانيا ويعلن: “الحرب ليست مشكلتي”
الناتو على مفترق طرق.. هل تمزق ترامب الموقف الغربي؟

في تحول مفاجئ، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تراجعه عن الانضمام إلى الجهود الأوروبية لفرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب استمرار حربها في أوكرانيا، ما يشير إلى تغيير استراتيجي عميق في أولويات واشنطن تجاه النزاع. بعد أشهر من تصريحاته المتكررة بأنه قادر على إنهاء الحرب خلال 24 ساعة، يبدو أن ترامب قرر فعليًا سحب بلاده من دور الوسيط أو الداعم الأساسي لأوكرانيا، مفسحًا المجال لموسكو وكييف لحل النزاع بشكل ثنائي.
وجاء هذا الموقف بعد مكالمة هاتفية بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عبّر فيها ترامب عن رغبته في التوجه نحو فرص تجارية مع روسيا بدلًا من الاستمرار في الضغط عليها سياسيًا واقتصاديًا. هذا التغيير أثار قلق الحلفاء الأوروبيين، الذين أكدوا استمرارهم في فرض العقوبات رغم الموقف الأمريكي، مما يشير إلى تصدع جديد في تماسك حلف الناتو، قد يخدم مصالح روسيا بشكل مباشر.
قرار ترامب لا يعكس فقط رغبة في الانسحاب من صراع معقد وطويل، بل يكشف أيضًا عن توجه لإعادة رسم العلاقة مع موسكو، بغض النظر عن الثمن الذي قد تدفعه أوكرانيا، أو شكل النظام الدولي في المرحلة المقبلة.
مكالمة ترامب-بوتين: نقطة تحول أم صفقة وراء الكواليس؟
أظهرت مكالمة ترامب مع الرئيس الروسي بوتين تخليه عن فكرة الضغط على موسكو لقبول وقف فوري لإطلاق النار، رغم تأكيده سابقًا أن اتفاق السلام لا يمكن تحقيقه دون تدخله المباشر. الرسالة كانت واضحة: الولايات المتحدة لن تقود بعد الآن جهود السلام، وروسيا وأوكرانيا عليهما حل النزاع بنفسيهما. هذا الانسحاب من الدور الأمريكي التقليدي ترك فراغًا كبيرًا في جهود السلام، وفتح الباب أمام روسيا لتعزيز نفوذها الدبلوماسي.
فتور أمريكي مقابل حماسة أوروبية: تباين في التعاطي مع موسكو

رغم تراجع ترامب عن دعم العقوبات، سارعت بريطانيا إلى فرض حزمة جديدة من العقوبات على قطاعات الطاقة والجيش والمال في روسيا، وصرّحت أن الاتحاد الأوروبي في صدد إعلان حزمة جديدة هي السابعة عشرة. بينما تتجه أوروبا نحو مزيد من التصعيد، تسعى واشنطن، تحت إدارة ترامب، إلى تخفيف التصعيد والتركيز على العلاقات الاقتصادية المستقبلية، ما يهدد وحدة الغرب ويمنح الكرملين فرصة لتوسيع نفوذه.
انسحاب تدريجي من دعم أوكرانيا: من التهديد بالعقوبات إلى الدعوة للتجارة
في حين لا تزال العقوبات الأمريكية السابقة سارية، لم تُظهر إدارة ترامب أي نية لإضافة عقوبات جديدة رغم استمرار الهجمات الروسية. بدلًا من ذلك، عبّر ترامب عن اهتمامه بتوسيع التجارة مع روسيا بعد الحرب، مشيرًا إلى “فرص هائلة” في قطاعات الطاقة والمعادن. هذا التحول أرسل رسالة واضحة لكييف: واشنطن لم تعد تضع دعم أوكرانيا في مقدمة أولوياتها.
الانقسامات داخل الناتو: هل تنجح موسكو في زعزعة الحلف؟

الشقاق بين الموقفين الأمريكي والأوروبي قد يصل إلى ذروته خلال قمتين مرتقبتين لمجموعة السبع والناتو، حيث سيُختبر مدى التزام واشنطن بالدفاع عن أوكرانيا أو حتى عن الحلفاء الأضعف في الحلف. من الواضح أن بوتين يراهن على هذا الانقسام لتحقيق اختراقات استراتيجية، وقد بدأت بوادر ذلك تظهر بالفعل في التباين الكبير بين الموقفين الغربيين.
إخفاق في تحقيق وعود الحملة الانتخابية: السلام خلال 24 ساعة يتبخر
لطالما تفاخر ترامب بأنه يستطيع إنهاء الحرب خلال يوم واحد فقط، لكنه تراجع عن ذلك مؤخرًا وصرّح بأن حديثه كان “ساخرًا بعض الشيء”. الفشل في إقناع بوتين بتقديم تنازلات، رغم تنازلات أمريكية علنية كالتخلي عن دعم انضمام أوكرانيا إلى الناتو، يبرز التحديات التي يواجهها الرئيس الأمريكي في تقديم نفسه كمفاوض خارق.
الأبعاد الاقتصادية: ترامب يغازل موسكو عبر التجارة
في الوقت الذي تتعرض فيه روسيا لعقوبات غربية مشددة، يظهر ترامب بوصفه مستعدًا لتجاوز العوائق السياسية من أجل فتح أبواب التجارة مع موسكو. هذا الطرح يثير مخاوف حول مدى استعداد واشنطن لربط الاقتصاد بالسياسة الخارجية، خاصة حين يتعلق الأمر بخصم استراتيجي كالكرملين. هل تسعى واشنطن فعليًا لإنعاش العلاقات على حساب أمن أوكرانيا والمنطقة؟
ردود فعل داخلية وخارجية: من التنديد إلى التحفظ
بينما حافظ مسؤولو إدارة ترامب، كوزير الخارجية ماركو روبيو، على الخطاب الرسمي بأن العقوبات قائمة والدعم مستمر، تؤكد التطورات الميدانية والدبلوماسية أن الزخم الأمريكي يتراجع. في المقابل، عبّرت شخصيات مثل السفيرة السابقة في كييف عن قلقها من أن إدارة ترامب تمارس سياسة “الضغط على الضحية”، وأن الانسحاب الأمريكي ليس سوى تكرار لسياسات الاسترضاء التي قد تؤدي إلى نتائج كارثية على المدى الطويل.