نتنياهو يتمسك بالسلطة على حساب الدماء: الحرب في غزة رهينة طموح سياسي
إطالة أمد الصراع، إفشال صفقات التهدئة، وتجاهل الرأي العام الإسرائيلي... كل ذلك من أجل البقاء في الحكم

بعد مرور أكثر من 650 يومًا على اندلاع الحرب في غزة، تتواصل المأساة الإنسانية، وتتزايد أعداد القتلى المدنيين الفلسطينيين، فيما يبدو أن أمد الصراع يطول لا لسبب استراتيجي أو عسكري، بل نتيجة حسابات سياسية شخصية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
حرب بلا نهاية… وقائد يتمسك بالكرسي
بحسب استطلاعات الرأي في إسرائيل، فإن نحو 74% من الإسرائيليين يرغبون بإنهاء الحرب فورًا، وهو ما يتعارض مع إصرار نتنياهو على مواصلة العمليات العسكرية، حتى وسط تململ من داخل حكومته نفسها. فحلفاؤه من الأحزاب الدينية المتشددة بدأوا بالتراجع، بعد فشل الحكومة في تمرير قانون يعفي الشباب الحريدي من الخدمة العسكرية، وهو ما يكشف عن اهتزاز الثقة بقيادته حتى من أقرب شركائه.
ضحايا بالجملة… بلا مبرر عسكري
في الوقت الذي يُقتل فيه عشرات الفلسطينيين يوميًا في غزة، معظمهم من المدنيين الباحثين عن الغذاء والماء، تؤكد تقارير الأمم المتحدة أن نحو 800 شخص قُتلوا خلال ستة أسابيع فقط في محيط مراكز توزيع المساعدات. هذه الأرقام، كما يشير فريدلاند، لا يستطيع حتى أشد المدافعين عن إسرائيل تبريرها تحت ذريعة “محاربة حماس”.
الصفقات المؤجلة: فرصة ضائعة لإنهاء الحرب
تقرير موسع لصحيفة نيويورك تايمز كشف بالأدلة أن نتنياهو تعمد إطالة أمد الحرب لأغراض سياسية. ففي أبريل 2024، كان هناك اتفاق شبه جاهز لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح أكثر من 30 رهينة، لكن نتنياهو سحب الاقتراح في اللحظة الأخيرة خوفًا من انهيار ائتلافه، بعد تهديدات من حلفائه المتطرفين بن غفير وسموتريتش.
وفي يوليو من العام ذاته، أفشل نتنياهو مجددًا جهود وساطة دولية في روما، بعدما طرح ستة شروط جديدة فجائية، رغم اقتراب جميع الأطراف من اتفاق نهائي.
الخشية من السقوط… ومحاكمة الفساد تلوح في الأفق
يبدو أن هاجس نتنياهو الأساسي هو تجنب فقدان السلطة بأي ثمن، إذ أن خروجه من رئاسة الحكومة سيعني خسارته للحصانة في قضايا الفساد التي تلاحقه. فكما هو الحال مع دونالد ترامب، يسعى نتنياهو للبقاء في الحكم كوسيلة للبقاء بعيدًا عن السجن.
انتخابات قريبة وسردية نصر مُفبركة
رغم الكوارث المتتالية، يستعد نتنياهو لعرض نفسه في الانتخابات المقبلة -المتوقعة خلال ستة أشهر- كقائد “انتصر على أعداء إسرائيل”: حزب الله أُبعد، إيران تعرّضت لضربات موجعة، وبشار الأسد لم يعد عنصرًا فاعلًا.
لكن، كما يقول فريدلاند، فإن ما يُغفله هذا الخطاب أن كل هذه الإنجازات المزعومة جاءت على حساب آلاف الضحايا الأبرياء، وتحت وطأة قرارات محكومة بالخوف على المصير السياسي الشخصي
من سيحاسَب؟
المحررة الإسرائيلية المخضرمة إيلانا ديان تقول: “بدأنا نخرج من صدمة 7 أكتوبر، وبدأنا نطرح الأسئلة الصعبة عن القيادة وعن غزة وعن هذه الحرب التي لا تنتهي”. فالتاريخ، كما يشير فريدلاند، لن يحاكم نتنياهو وحده، بل الشعب الإسرائيلي أيضًا إن بقي صامتًا.
لكن من المؤكد أن بنيامين نتنياهو سيُسجّل في الذاكرة كمن قدّم بقاءه السياسي على أرواح المدنيين من الجانبين – وهو خيار يجب أن يُحاسب عليه.