الوكالات

عقيدة ترامب الجمركية: كيف تبدو الضريبة بنسبة 10% كإنقاذ اقتصادي؟

مؤشرات إيجابية من إدارة ترامب حول نية التفاوض مع الحلفاء

مع تصاعد تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية قاسية على الواردات، يبدو أن المشهد الاقتصادي قد تغير بشكل كبير. كانت الزيادة بنسبة 10% في الرسوم الجمركية تُعتبر صادمة منذ سنوات، ولكنها الآن تُستقبل بارتياح نسبي مقارنة بالزيادات الأكبر المعروضة.

الخطوات الأولى: يوم التحرير

في الثاني من أبريل، أعلن ترامب عن “يوم التحرير”، كاشفاً عن خطته لفرض رسوم تتراوح بين 10% و60% على العديد من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. هذه الخطوة أثارت اضطرابات كبيرة في الأسواق العالمية وأدت إلى هلع المستثمرين، مما جعلهم يبتعدون عن الدولار الأمريكي تخوفًا من حرب تجارية شاملة. ومع ذلك، سرعان ما استخدم ترامب هذه التهديداتكوسيلة تفاوضية، حيث جمد معظم الرسوم الجديدة وقدم مهلة للتفاوض.

الاستجابة للأسواق: تصريحات إيجابية

عادت أسواق المال إلى الانتعاش سريعًا، مع وجود مؤشرات إيجابية من إدارة ترامب حول نية التفاوض مع الحلفاء. بدأت الشركات الأميركية تكييف سياساتها مع الرسوم الجمركية كأداة اقتصادية مقبولة، حيث استُقبلت الرسوم المختلفة كأمر طبيعي في الواقع التجاري الجديد.

التأثير النفسي: تأثير الإرساء

يتم فهم ظاهرة التقبل المتزايد للرسوم الجمركية من خلال تأثير الإرساء. وفقًا للخبير في السلوك البشري، سيكول كراستيف، فإن تقديم أرقام كبيرة في بداية التفاوض يعيد تشكيل التوقعات حول ما هو معقول. استخدم ترامب الرقم 60% ليظهر الرقم 10% لاحقًا كحل وسط مقبول.

الهيكل الجمركي: قسوة متزايدة

على الرغم من التراجعات الظاهرة، فإن الرسوم الجمركية الحالية تظل أعلى من أي وقت مضى، حيث تصل إلى 25% للسيارات والمعادن. وفقًا لمركز “Budget Lab” في جامعة ييل، يبلغ متوسط الرسوم الفعلية اليوم 28%. وحتى الإعفاءات تأتي مشروطة ومعقدة، مما يزيد من الأعباء على المستهلكين.

الأثر على الأعمال الصغيرة والتوظيف

تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة صعوبات كبيرة نتيجة للرسوم المرتفعة، حيث تؤدي الرسوم بين 10% و25% إلى توقف التوسع وتجميد التوظيف. ووفقًا للرئيسة التنفيذية لمجموعة “سيتي غروب”، فإن معظم العملاء يمكنهم استيعاب الرسوم حتى حدود 10%، ولكن عند ارتفاعها إلى 25%، يتغير الوضع تمامًا.

استراتيجية ترامب الاقتصادية: سياسات حمائية

تمسك ترامب بعقيدته الاقتصادية الحمائية، مؤكدًا على أهمية الرسوم كأداة ضغط تجاري. لا يتردد في الدفاع عن هذه السياسات الخاصة بالأمن القومي، مؤكدًا أن الصناعات المحلية يجب أن تكون محمية من المنافسة الأجنبية.

ولم تقتصر السياسات على الصين والمكسيك فحسب، بل تشمل أيضًا تحقيقات تجريها واشنطن على صادرات الاتحاد الأوروبي. هذه التحقيقات قد تؤدي إلى فرض رسوم تضر بالعلاقات التجارية عبر الأطلسي بشكل كبير.

تُظهر سياسات ترامب أن الرسوم الجمركية ليست مجرد تهديدات مؤقتة، بل هي إعادة تشكيل حقيقية للاقتصاد الأمريكي.

ولعل ما كان يُعتبر خطًا أحمر بالأمس، كزيادة بنسبة 10%، قد بات اليوم يُنظر إليه كنوع من الاعتدال. بينما يبقى السؤال معلقًا: هل ما نشهده هو جولة جديدة من المفاوضات، أم بداية لعصر تجاري عالمي جديد؟.

 

إيمان زريقات

إيمان زريقات صحفية سورية متخصصة في القسم الخارجي وتغطية وكالات الأنباء العالمية، ولها خبرة واسعة في متابعة الأخبار الدولية وتقديم تقارير دقيقة وشاملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى