الوكالات

دمى اللاجئين المحترقة تشعل الغضب في أيرلندا الشمالية

تحقيقات في جريمة كراهية بعد إحراق مجسمات للاجئين ضمن احتفال طائفي في قرية موغاشيل

تحولت مشاهد إحراق قارب محمّل بدمى تمثل لاجئين من ذوي البشرة الداكنة في أيرلندا الشمالية إلى رمز صادم جديد لتصاعد خطاب الكراهية والعنصرية في البلاد، وسط إدانات واسعة وتحقيقات شرطية تعاملت مع الواقعة باعتبارها “حادثة كراهية” تستهدف اللاجئين.

 

مشهد صادم في قلب الاحتفالات الطائفية

في قرية موغاشيل الريفية بمقاطعة تايرون، اجتمع العشرات مساء الخميس حول محرقة تقليدية (Bonfire)، لكن ما أثار الاستياء هذه المرة كان احتواء الحطب على قارب خشبي يحمل دمى بشرية داكنة اللون ترتدي سترات نجاة، إلى جانب لافتات كتب عليها “أوقفوا القوارب” و”الأولوية للمحاربين القدامى لا للاجئين”.

 

الهتافات تعالت لحظة اشتعال النيران في القارب والمجسمات، ما أثار صدمة واسعة داخل وخارج البلاد، خاصة في ظل التوتر المتزايد في ملف الهجرة وخطاب الكراهية ضد اللاجئين مؤخرًا.

 

الشرطة تفتح تحقيقًا وتصف الحادث بأنه “جريمة كراهية”

أعلنت شرطة أيرلندا الشمالية أنها فتحت تحقيقًا رسميًا في الحادث، معتبرة أنه يندرج تحت جرائم الكراهية. جاء ذلك قبل ساعات من إشعال الحريق، بعد تلقي بلاغات من شخصيات سياسية ومؤسسات حقوقية طالبت بإزالة المجسمات.

 

أجواء مشحونة وسط تصاعد عنف ضد اللاجئين

يأتي هذا التطور بعد أسابيع فقط من أعمال شغب عنصرية في مدينة باليمينا، حيث هوجمت منازل عائلات مهاجرة وأُضرمت فيها النيران. وتزامن الحادث مع تصاعد الجدل السياسي في بريطانيا بشأن الهجرة غير الشرعية، وخصوصًا عبور القوارب الصغيرة للقنال الإنجليزي.

 

منظمات حقوقية: “رسالة رعب للمهاجرين”

وصف باتريك كورغان، مدير برنامج أيرلندا الشمالية بمنظمة العفو الدولية، المشهد بأنه “عرض مخزٍ للكراهية سمحت السلطات بحدوثه”، مضيفًا أن الرسالة التي وصلت إلى العائلات المهاجرة مفزعة، وتُظهر نمطًا متصاعدًا من العداء والتجريد من الإنسانية تجاه اللاجئين.

 

سياسيون ينددون ويطالبون بالمحاسبة

النائب عن حزب شين فين، كولم غيلدرنيو، قال إن الحادث “مقزز” ويهدف إلى تجريد اللاجئين من إنسانيتهم، وطالب بمحاسبة المسؤولين.

 

زعيم حزب الاتحاد الوحدوي مايك نيسبيت وصف الصور بأنها “مقززة ولا تمثل أي ثقافة محترمة”، وطالب بإزالة المجسمات قبل إشعال النيران.

 

تمجيد للعنف تحت غطاء “الفن الثقافي”؟

في المقابل، دافع الناشط الموالي البارز جيمي برايسون عن ما وصفه بـ”الاحتجاج الفني”، قائلاً إن سكان موغاشيل اعتادوا تقديم تعبيرات فنية ضمن احتفالاتهم، وإن هذه السنة كانت مخصصة لـ”فضيحة الهجرة غير الشرعية”، وفق تعبيره.

 

تراث الانقسام الطائفي ما زال يحترق

الاحتفالات السنوية بإشعال الحرائق في أيرلندا الشمالية تعود إلى إحياء ذكرى انتصار الملك البروتستانتي ويليام الثالث على الكاثوليك عام 1690، وهي تقاليد لا تزال تُمارس في أكثر من 300 موقع، لكنها كثيرًا ما تتحول إلى منصات للكراهية والعنف ضد المجموعات المختلفة.

اقرأ أيضاً غواصة “بلوويل” الإسرائيلية تقترب من ألمانيا: سباق تحت البحر ضد تهديدات الغد

بلفاست أمام أزمة جديدة: موقع حريق قريب من مستشفيات وأسبستوس

في سياق متصل، أثارت محرقة أخرى مقررة مساء الجمعة في بلفاست جدلاً كبيرًا، بسبب إقامتها على أرض يُعتقد أنها تحتوي على مواد أسبستوس خطيرة وبالقرب من محطة كهرباء تغذي اثنين من مستشفيات المدينة. وقد دعت السلطات السكان إلى تجنب الموقع لأسباب تتعلق بالسلامة العامة.

 

الشرطة بين الضغط الشعبي والتهديد بالعنف

ورغم تصويت بلدية بلفاست على إزالة محرقة شارع ميريدي، رفضت الشرطة التدخل، محذرة من أن محاولة إزالتها قد تؤدي إلى “فوضى واسعة” بعد تلقيها تحذيرات من مجموعات شبه عسكرية موالية. في المقابل، قالت شين فين إن الاستسلام لهذا التهديد يُعد خضوعًا لحكم الغوغاء.

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى