الولايات المتحدة تُعيد تشكيل استراتيجيتها التجارية لتفادي الرسوم الجمركية قبل مهلة ترامب

في سباق مع الزمن قبل انتهاء مهلة الـ90 يومًا التي حددها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتعليق الرسوم الجمركية “التبادلية”، تسعى إدارة ترامب لعقد صفقات تجارية محدودة النطاق مع أبرز الشركاء التجاريين، في محاولة لتفادي تصعيد جديد في الحرب التجارية العالمية.
ورغم وعود البيت الأبيض بإبرام 90 صفقة خلال فترة التجميد، فإن الواقع يشير إلى تراجع في الطموح والتركيز على تسويات جزئية في قضايا محددة.
صفقات محدودة بدلًا من اتفاقات شاملة
أشارت مصادر مطلعة إلى أن المسؤولين التجاريين الأمريكيين يركزون على التوصل إلى “اتفاقات مبدئية” بشأن عدد محدود من النزاعات التجارية مع الدول المتعاونة، بدلًا من إبرام صفقات شاملة.
و هذه الخطوة تعكس تغيرًا في توجه الإدارة الأمريكية نحو الواقعية، في ظل ضغط الوقت وقلة التقدم مع عدد كبير من الشركاء.
مهلة ترامب الحاسمة تقترب
من المقرر أن تنتهي مهلة التجميد التي أعلنها ترامب في 9 يوليو، وبعدها يتوقع إعادة فرض الرسوم الجمركية الأكثر صرامة.
وتشمل هذه الرسوم ما يصل إلى 25% على السيارات و50% على الصلب والألمنيوم، وتُهدد هذه الإجراءات دولًا لم تتمكن من التوصل إلى صفقات جزئية بحلول هذا التاريخ.
تهديدات متزامنة ومسارات مزدوجة
فيما تسعى واشنطن إلى تسويات، فإنها تواصل التلويح بفرض رسوم جديدة على قطاعات حساسة مثل الرقائق والأدوية والمعادن الاستراتيجية، في إطار تحقيقات الأمن القومي (المعروفة بتحقيقات القسم 232).
ويعكس هذا المسار المزدوج – التفاوض مع التهديد – نهج ترامب المعروف في استخدام التجارة كأداة ضغط.
انسحاب من محادثات مع كندا وتنازل سريع من أوتاوا
في الأسبوع الماضي، أعلن ترامب إنهاء المحادثات مع كندا، مما دفع أوتاوا إلى إلغاء ضريبة على الخدمات الرقمية كانت واشنطن تعارضها.
و هذا التطور يسلط الضوء على فعالية سياسة “العصا” التي ينتهجها ترامب، وإن كانت مكلفة على المدى الطويل لعلاقات الولايات المتحدة التجارية.
مكاسب محدودة مع بريطانيا وهدنة مؤقتة مع الصين
حتى الآن، تمكنت واشنطن من توقيع اتفاق تجاري مع المملكة المتحدة، يتضمن إعفاءات محدودة على السيارات والأدوية والمعادن، كما توصلت إلى “هدنة” مع الصين.
ولكن تظل الغالبية العظمى من الشركاء التجاريين في حالة ترقب وحذر، وسط غموض بشأن النوايا الأمريكية.
البيروقراطية والطعون القضائية تعرقل التقدم
تعاني المحادثات من تعقيدات إضافية بسبب الطعون القضائية، بعد أن أبطلت محكمتان في مايو استخدام ترامب لسلطاته الطارئة لفرض الرسوم التبادلية، ورغم استئناف الإدارة لهذه الأحكام، إلا أن حالة عدم اليقين القانونية تزعزع الثقة في مستقبل المفاوضات.
تصريحات متضاربة من المسؤولين
بينما قال وزير الخزانة سكوت بيسنت إن الرسوم القطاعية ستُؤجَّل، أكد في مقابلة مع بلومبرغ أن البيت الأبيض يركز حاليًا على الرسوم التبادلية، متوقعًا موجة من الاتفاقات قبيل الموعد النهائي. لكنه عاد وأشار إلى إمكانية تمديد المهلة، مرجعًا القرار النهائي للرئيس.
الرسائل المتضاربة تربك الشركاء
أثار ترامب جدلًا جديدًا عبر منصته “تروث سوشال”، مهددًا بفرض رسوم على اليابان بسبب “رفضها استيراد الأرز الأمريكي رغم معاناتها من نقصه”. ويعكس هذا الأسلوب الشخصي في صياغة السياسات التجارية مزيدًا من الارتباك لدى الشركاء الذين يحاولون فهم توجهات إدارة يبدو أنها لا تلتزم بقواعد التفاوض التقليدية.
العالم يترقب والمخاطر تتزايد
مع اقتراب موعد 9 يوليو، تواجه واشنطن تحديًا في تحقيق التوازن بين الضغط والواقعية. فإما أن تنجح في إبرام سلسلة من الاتفاقات الجزئية تمنحها مخرجًا مشرفًا من دوامة التصعيد، أو تعود لتفرض رسومًا تهدد بزعزعة الاقتصاد العالمي مجددًا، كما حدث في أبريل الماضي.