الوكالات

الجارديان: تصاعد العنف في السويداء بعد انسحاب القوات السورية وغارات إسرائيلية جديدة

السويداء تشتعل: انسحاب الجيش يفجّر نزاعًا طائفيًا وتدخلًا إسرائيليًا

شنّ الجيش الإسرائيلي غارة جوية استهدفت أطراف مدينة السويداء مساء الخميس، بالتزامن مع تصاعد الاشتباكات بين مقاتلين من الطائفة الدرزية ومجموعات بدوية في الجنوب السوري. وتأتي هذه الضربات في وقتٍ يشهد فيه الجنوب السوري موجة من العنف المتبادل، عقب انسحاب القوات النظامية من المحافظة ذات الغالبية الدرزية.

 

انسحاب الجيش السوري يعيد إشعال الفوضى

 

اندلعت الاشتباكات مجددًا بعد إعلان الرئيس السوري انسحاب الجيش من محافظة السويداء، منهياً أربعة أيام من المواجهات بين القوات النظامية والفصائل المحلية الدرزية. وفي خطاب له، أعلن الرئيس السوري أن القرار جاء “لتجنب حرب أوسع”، ولفسح المجال أمام المجموعات الدرزية لتولي إدارة الأمن في مناطقها.

 

هجمات انتقامية تشعل الجنوب

 

في أعقاب الانسحاب، شنت مجموعات درزية هجمات على قرى بدوية، متهمة السكان بمساندة الجيش خلال الاشتباكات. وأفادت وكالة “سانا” بمقتل العديد من المدنيين ونزوح العشرات من القرى البدوية. كما ذكرت منصة “عنب بلدي” أن مجموعات مسلحة أحرقت منازل أثناء اقتحامها للقرى، في حين أصدر الشيخ حكمت الهجري، أحد القيادات الروحية للدروز، بيانًا دعا فيه إلى احترام القبائل البدوية المسالمة.

 

بداية الاشتباكات: خلاف محلي يتحول إلى أزمة وطنية

 

بدأت المواجهات يوم الاثنين إثر نزاع محلي بين مجموعات درزية وقبائل بدوية، سرعان ما تطورت إلى صدامات عنيفة. حاولت الميليشيات الدرزية منع دخول الجيش السوري، مما أدى إلى اشتباكات دامت أيامًا وأسفرت عن مئات القتلى من الجانبين.

 

إسرائيل توسع نطاق تدخلها في الجنوب السوري

 

عقب تصاعد الاشتباكات، وسّعت إسرائيل تدخلها العسكري في سوريا، مستهدفة وزارة الدفاع في دمشق وعددًا من المواقع العسكرية جنوب البلاد. وصرّح متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن الغارات تحمل “رسالة واضحة” إلى القيادة السورية بخصوص ما يحدث في السويداء.

 

ارتفاع حصيلة الضحايا وتحذيرات من تصعيد أوسع

 

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 516 شخصًا لقوا حتفهم خلال أيام القتال، من بينهم 86 مدنيًا قتلوا على يد القوات النظامية وحلفائها، وثلاثة من المدنيين البدو قتلوا في هجمات درزية. وحذّر مسؤولون سوريون من أن الوضع كان سيتجه نحو تصعيد كبير لولا تدخل دبلوماسي أمريكي وعربي وتركي.

 

واشنطن ترحب بالتهدئة وتحذر من عودة الفوضى

 

أعلن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، عن التوصل إلى اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار، وحث جميع الأطراف على الالتزام بتعهداتهم. وقال إن ما حدث في السويداء يعكس “عداوات تاريخية طويلة” أدت إلى تصعيد مفاجئ، وأشار إلى أن العلاقات الإسرائيلية السورية كانت قد بدأت بالتحسن منذ مايو.

 

أمريكا تعلن اتفاقًا مبدئيًا للتهدئة وتربط أحداث السويداء بتوترات تاريخية.

شرخ داخل القيادة الدرزية بشأن العلاقة مع دمشق

 

الخلافات داخل الطائفة الدرزية بدت جلية، إذ دعا الشيخ يوسف جربوع إلى تهدئة وتعاون مع دمشق، بينما رفض الشيخ حكمت الهجري أي تعاون مع السلطة الجديدة. وأكدت تقارير محلية أن بعض الشباب الدرزي في السويداء بات يشعر بالغربة عن الدولة السورية، خاصة بعد سقوط عدد من أقاربهم في المعارك الأخيرة.

 

إدانات رسمية للانتهاكات وتعهدات بالمحاسبة

 

الرئيس السوري أدان الانتهاكات التي طالت المدنيين، ووجّه أصابع الاتهام إلى “مجموعات خارجة عن القانون”. وأكد أن الدولة ستعمل على محاسبة المتورطين في الجرائم بحق “أبناء الطائفة الدرزية”، مضيفًا أن حماية المدنيين تقع ضمن مسؤوليات الدولة والمؤسسات القضائية.

اقرأ أيضاً 12 مليون قذيفة كورية شمالية لدعم روسيا: تحالف السلاح في وجه العقوبات والعزلة

الغارات الإسرائيلية تؤجج الغضب الشعبي

 

ردود الفعل الشعبية على الغارات الإسرائيلية كانت قوية، حيث خرجت تظاهرات في دمشق ومناطق أخرى للتنديد بالقصف. وأظهرت صور من العاصمة نساءً وشبانًا يوثقون الاحتجاجات بهواتفهم، مطالبين المجتمع الدولي بوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية.

شهدت دمشق ومدن أخرى احتجاجات غاضبة ضد الغارات الإسرائيلية، وسط مطالبات دولية بوقف الانتهاكات.

توتر في العلاقات الإسرائيلية الدرزية بعد اقتحام الحدود

 

الاشتباكات في السويداء أثارت مشاعر الغضب بين دروز إسرائيل، حيث اقتحم العشرات السياج الحدودي مع سوريا تضامنًا مع أبناء طائفتهم. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعا المواطنين الدروز إلى ضبط النفس، وأكد أن الجيش يعمل على إعادة من عبر الحدود بشكل آمن.

 

مستقبل السويداء على المحك

 

رغم إعلان انسحاب الجيش السوري، لم يتضح بعد ما إذا كانت الأجهزة الأمنية ستنسحب بدورها. المفاوضات بشأن شكل العلاقة بين السويداء والسلطات المركزية لا تزال معلقة، وسط مطالب درزية متزايدة بالحكم الذاتي ومخاوف من أن تؤدي الأحداث الأخيرة إلى تقويض أي جهود للتسوية.

 

خاتمة

 

تُعد الأحداث الأخيرة في السويداء أكبر تحدٍ تواجهه دمشق منذ مجازر الساحل الشمالي في مارس الماضي، وتُظهر هشاشة الوضع الأمني والسياسي في الجنوب السوري. كما أنها تهدد بتقويض ما تحقق من تقدم دبلوماسي بين دمشق وتل أبيب، وتعيد إلى الواجهة أسئلة جوهرية حول مستقبل التعايش بين المكونات السورية.

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى