تقارير التسلح

سباق الطائرات الذاتية بين روسيا وأوكرانيا يفتح أبواب حرب جديدة خطيرة

الذكاء الاصطناعي يقود المعارك ويُهدد بانفلات تكنولوجي بلا حدود

بينما ينشغل العالم بالمعارك التقليدية في شرق أوروبا، تتكشف ملامح تحول جذري يقوده الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة ذاتية التوجيه. في أوكرانيا وروسيا، أصبح الذكاء الاصطناعي قائدًا حقيقيًا في ساحات القتال، وسط سباق محموم لتطوير أدوات قتل ذكية، رخيصة، وتزداد استقلالًا عن البشر يومًا بعد يوم.

العملية الصامتة: طائرات تقاتل بلا بشر

 

في يونيو، أطلقت أوكرانيا طائرة من طراز “غوغول-إم” نفذت مهمة متكاملة داخل العمق الروسي. الطائرة أطلقت وحدها طائرتين انتحاريتين قادرتين على تحديد الأهداف ذاتيًا والانقضاض عليها، وكل ذلك دون تدخل بشري مباشر. الخوارزميات كانت العنصر الفاعل، والنتيجة: عملية بلا بشر تقريبًا.

الفتك الرخيص: أسلحة فعالة بتكلفة زهيدة

المُثير للقلق هو انخفاض تكلفة هذه التكنولوجيا. الطائرة القاتلة لا تتعدى 10 آلاف دولار، مقارنة بصواريخ كروز التي قد تصل كلفتها إلى 5 ملايين دولار. ومع سعي أوكرانيا لإنتاج مئات الطائرات شهريًا، تدخل الحرب عصر “الفتك الجماعي الرخيص”، ما يفتح المجال لأي دولة أو جهة فاعلة للانضمام إلى هذا السباق القاتل.

اختراق الجغرافيا: الحرب لم تعد تحترم الحدود

عملية “شبكة العنكبوت” الأوكرانية، التي أطلقت أكثر من 100 طائرة على قواعد روسية، أثبتت أن السيادة الجغرافية لم تعد تحمي أحدًا. طائرات تُخبأ في شاحنات وتُطلق برمجياً لتتفادى أنظمة التشويش، مؤكدة أن ساحات المعركة دخلت زمن الفتك الذكي.

روسيا ترد: أسراب قاتلة بذكاء اصطناعي

روسيا بدورها نشرت طائرات V2U القاتلة ذاتية التوجيه، التي ظهرت وهي تطير في أسراب مربكة للدفاعات التقليدية. الأدهى أن أدوات التشويش الإلكترونية لم تعد فعالة، إذ تعتمد هذه الطائرات على الرؤية الاصطناعية والملاحة الذاتية، ما يجعل إيقافها أكثر صعوبة.

السرب الذكي: تعاون روبوتي للقتل المنسق

أوكرانيا تطور الآن ما يُعرف بتقنية “السرب الذكي”، حيث تنفذ عشرات الطائرات عملية واحدة بتعاون خوارزمي، يستهدف البشر أنفسهم. فبدلًا من ضرب المعدات الثقيلة، يجري تدريب الطائرات على التعرّف البصري واستهداف الجنود المشاة مباشرة. العدو لم يعد دبابة، بل إنسان.

التكنولوجيا في متناول الجميع: الإرهاب ينتظر

مع انخفاض التكلفة وسهولة التصنيع، يخشى الخبراء من وصول هذه الطائرات إلى أيدي الإرهابيين أو المجرمين. أحد المهندسين الأوكرانيين علّق ساخرًا: “لا حاجة لتهريب قنبلة إلى مطار، فقط طائرة ذكية تعرف وجه الهدف!”، في عبارة تلخص الخطر الكامن في هذه الثورة التكنولوجية.

شلل دولي: غياب التنظيم القانوني

رغم كل هذه التطورات، فشلت الأمم المتحدة على مدى ثماني سنوات في التوصل لتعريف قانوني موحد للأسلحة الذاتية. حتى الاجتماعات الأخيرة لم تُقنع موسكو أو واشنطن بالانضمام لأي اتفاقية تقييدية. الأخلاق حاضرة في الخطابات، لكنها غائبة عن الطاولة.

المأزق الأخلاقي: بين البقاء والهاوية

في كييف، يقول نائب رئيس الوزراء فيدوروف إن الوقت ليس مناسبًا لنقاش الأخلاقيات، “علينا أولًا أن نوقف الروس”. هذا التصريح يلخص المأزق العالمي: ضرورة عسكرية في مواجهة خطر قد يطلق وحشًا لا يمكن إيقافه لاحقًا.

 

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى