الوكالات

موجز الحرب في أوكرانيا: وارسو تحشد قواتها وتندد بـ”انتهاك صارخ” للأجواء

كشفت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية أن الأزمة الأوكرانية دخلت مرحلة أكثر توتراً مع اتهامات متبادلة بين روسيا وحلفاء أوكرانيا، وسط مخاوف من توسع دائرة الصراع إلى دول الجوار. فقد أدانت بولندا وحلفاؤها اختراق طائرات مسيّرة روسية مجالها الجوي، معتبرة الأمر “انتهاكاً صارخاً” للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وفي خطوة تصعيدية، أعلنت وارسو عزمها نشر 40 ألف جندي على حدودها مع بيلاروسيا، في وقت تكثّف فيه موسكو مناوراتها العسكرية المشتركة مع مينسك. وبينما تتحرك أوروبا لتعزيز دفاعاتها الجوية، شهدت كييف زيارة لافتة للأمير البريطاني هاري دعماً للجنود الأوكرانيين المصابين، فيما تواصل موسكو التأكيد على “تجميد” محادثات السلام، ويصر الرئيس فولوديمير زيلينسكي على أن هدف الكرملين هو إخضاع كامل التراب الأوكراني.

 

تحركات بولندا وتحذيرات من التصعيد

 

أعلنت بولندا، مدعومة من نحو أربعين دولة بينها الاتحاد الأوروبي وأمريكا وكندا واليابان، احتجاجها على اختراق مسيّرات روسية مجالها الجوي هذا الأسبوع. وقال نائب وزير الخارجية البولندي، مارتشين بوساكي، إن الانتهاك يشكل “خطرًا غير مسبوق على استقرار المنطقة”، داعيًا موسكو إلى وقف “الاستفزازات” فوراً. وأكدت وارسو أن الحادثة دفعت مجلس الأمن الدولي إلى عقد جلسة طارئة، في حين شدد حلفاء بولندا على أن “التصعيد لا يمكن أن يقود إلى السلام”. هذه التطورات دفعت وارسو للإعلان عن نشر 40 ألف جندي إضافي قرب الحدود البيلاروسية تحسبًا لتداعيات المناورات الروسية الجارية.

 

دعم أوروبي وتعزيز دفاعات الناتو

 

أكد قادة الناتو أن فرنسا وألمانيا والدنمارك ستوفر طائرات مقاتلة ووسائل عسكرية متطورة لحماية الأجواء البولندية من أي توغل جديد، في حين ستنضم بريطانيا إلى مهمة “الحارس الشرقي” التي تمتد من القطب الشمالي حتى البحر المتوسط. وتهدف هذه المبادرة إلى توسيع قدرات الردع ضد الصواريخ والمسيّرات الروسية، وتعزيز الثقة بين دول الحلف. واعتبر مراقبون أن القرار يمثل تصعيداً نوعياً في مواجهة التهديدات الروسية، ويعكس قناعة غربية بأن حماية بولندا ليست فقط مسؤولية إقليمية، بل خط دفاع متقدم عن أمن القارة الأوروبية بأكملها.

 

مناورات روسية واسعة مع بيلاروسيا

 

بالتوازي مع التوترات، بدأت روسيا مناورات عسكرية كبرى بالتعاون مع بيلاروسيا، شملت تدريبات قرب الحدود مع بولندا وليتوانيا، إضافة إلى نشاطات بحرية في بحر البلطيق وبحر بارنتس. ونشرت وزارة الدفاع الروسية مشاهد لمدرعات ثقيلة ومروحيات وسفن حربية تشارك في التدريبات. ورداً على هذه التحركات، أعلنت وارسو نشر 40 ألف جندي على الحدود لمواجهة أي احتمال طارئ. ويرى محللون أن هذه المناورات تهدف إلى إظهار الجاهزية العسكرية الروسية، وإرسال رسالة ردع مباشرة لحلف الناتو.

 

زيارة الأمير هاري إلى كييف

 

في مشهد إنساني وسط ضجيج الحرب، قام الأمير البريطاني هاري بزيارة مفاجئة إلى كييف حيث وضع إكليلاً من الزهور في ساحة ميدان تكريماً لضحايا الحرب. وأعلن هاري عن مبادرات جديدة ضمن “مؤسسة ألعاب إنفيكتوس” لدعم إعادة تأهيل الجنود الأوكرانيين المصابين. وأكد الأمير أنه يسعى لتقديم “كل ما بوسعه” لمساعدة الجرحى، معبراً عن تضامنه مع الشعب الأوكراني. الزيارة شكلت لفتة رمزية مؤثرة، إذ عكست دعم المجتمع الدولي لضحايا الحرب بعيداً عن لغة السلاح والسياسة.

 

توقف المفاوضات وتحذيرات زيلينسكي

 

أعلن الكرملين أن محادثات السلام مع أوكرانيا في حالة “تجميد”، فيما شدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أن طموح فلاديمير بوتين لا يزال “احتلال أوكرانيا بالكامل”. وأكد زيلينسكي أن “آلة الحرب الروسية وصلت إلى نقطة يصعب معها التراجع إلا بضغط خارجي”، داعياً الغرب إلى حشد الصين للعب دور أكبر في كبح موسكو. وحذّر من الانخداع بأي تصريحات روسية حول الرغبة في التفاوض، مؤكداً أن أمن أوكرانيا يتطلب التزاماً دولياً صارماً بالردع.

 

ترامب يعلق على تعثر المفاوضات

 

في تصريحات لقناة “فوكس نيوز”، قال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إن صبره بدأ ينفد بسبب رفض روسيا إنهاء غزوها. وأضاف: “كلما أراد أحد الطرفين وقف القتال، رفض الطرف الآخر، وكأنها رقصة لا تنتهي”. ورأى ترامب أن الوضع بات يتطلب “خطوات أقوى وأكثر حزماً”، مؤكداً أن فرص وقف إطلاق النار تتضاءل مع استمرار المراوغات الروسية. وتأتي تصريحاته بينما يواصل زيلينسكي إبداء استعداده لأي مبادرة توقف نزيف الدم، شرط أن تضمن استقلال أوكرانيا وسيادتها.

 

مشهد معقد ومستقبل غامض للحرب

 

تظهر التطورات الأخيرة أن الحرب في أوكرانيا باتت أكثر تعقيداً وتشابكاً، حيث تتداخل التحركات العسكرية مع المبادرات الإنسانية، وتتقاطع الضغوط الدولية مع التعثر الدبلوماسي. وبينما يصر الغرب على ردع موسكو عسكرياً، تواصل روسيا تعزيز تحالفها مع بيلاروسيا، فيما يبقى الأفق السياسي مسدوداً. وسط هذا المشهد، تظل أوكرانيا تدفع أثماناً بشرية باهظة، ويزداد القلق الدولي من أن يقود التصعيد المتواصل إلى توسيع دائرة الحرب في أوروبا.

اقرأ أيضاً

هجوم بطائرة مسيرة يستهدف إحدى أكبر مصافي النفط الروسية

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى