تقارير التسلح

الصين تكشف عن مشروع طائرة نقل استراتيجية بتصميم “الجناح المدمج”

تواصل الصين مساعيها الطموحة لتعزيز مكانتها كقوة جوية عالمية من خلال تطوير طائرة نقل استراتيجية جديدة من الجيل القادم، تُعدّ الأكبر والأكثر تقدمًا في تاريخ صناعتها الجوية. المشروع الذي تقوده شركات الطيران التابعة لجيش التحرير الشعبي، يهدف إلى رفع القدرات اللوجستية العابرة للقارات، وتمكين القوات الصينية من تنفيذ عمليات بعيدة المدى بكفاءة أعلى. ومع تسارع وتيرة الأبحاث، يبدو أن بكين تسعى لتجاوز مرحلة النقل الإقليمي إلى مستوى جديد من “التنقل العسكري العالمي”، في مواجهة التفوق الأمريكي المتمثل في طائرات C-17 وC-5 العملاقتين.

 

تصميم ثوري يدمج الجناح بالبدن

تكشف أوراق بحثية صينية حديثة عن أن الطائرة الجديدة ستعتمد تصميمًا مبتكرًا يعرف باسم “الجناح المدمج مع البدن” Blended Wing Body – BWB، وهو توجه ثوري يغيّر شكل الطائرات التقليدية رأسًا على عقب. في هذا المفهوم، تندمج أجنحة الطائرة مع جسمها في وحدة ديناميكية واحدة، ما يمنحها مساحة داخلية أوسع لنقل المعدات العسكرية والحمولات الثقيلة، مع تقليل مقاومة الهواء وتحسين كفاءة استهلاك الوقود. ويُتوقع أن يوفّر هذا التصميم قدرة على التحليق لمسافات طويلة بوقود أقل، ما يجعلها أكثر استدامة واستعدادًا للمهام الممتدة عبر القارات.

تعتمد الطائرة تصميم “الجناح المدمج” لزيادة السعة وتقليل استهلاك الوقود

حمولة هائلة ومدى عملياتي واسع

تستهدف الطائرة الجديدة نقل حمولة قد تصل إلى أكثر من 180 طنًا، وهو رقم يضعها في مصاف الطائرات الأمريكية العملاقة من فئة C-5 Galaxy. كما تشير الدراسات الأولية إلى أن مدى الطائرة قد يتجاوز 8000 كيلومتر دون الحاجة للتزود بالوقود، ما يسمح بنقل القوات والمعدات الثقيلة من القواعد الداخلية في الصين إلى نقاط بعيدة حول العالم. ويُتوقع أن تزوَّد الطائرة بمحركات توربينية متطورة قيد التطوير محليًا، مما يمنحها قدرة على الإقلاع من مدارج قصيرة نسبيًا، ويعزز مرونتها التشغيلية في البيئات الصعبة والمناطق النائية.

 

تحوّل استراتيجي في العقيدة العسكرية الصينية

يرى محللون أن المشروع يعكس تحولًا عميقًا في عقيدة الجيش الصيني، من الدفاع الإقليمي إلى “القدرة على الإسقاط العالمي للقوة”. فامتلاك طائرة نقل استراتيجية من هذا الطراز يمنح بكين إمكانيات لوجستية تشبه تلك التي تتمتع بها الولايات المتحدة، ما يفتح الباب أمام دور صيني أكثر حضورًا في مناطق النزاع والإغاثة والطوارئ حول العالم. كما أن التصميم المبتكر يضع الصين في موقع ريادي في أبحاث الطيران المستقبلية، ويمهد الطريق لتطبيقات مدنية في مجالات النقل الجوي التجاري والطائرات الخضراء منخفضة الانبعاثات.

يرى محللون أن المشروع يحول الصين إلى قوة قادرة على الإسقاط العالمي ويعزز تفوقها اللوجستي والتقني

بوصلة جديدة للطيران العسكري الصيني

بينما لا تزال الطائرة في مراحلها المفاهيمية الأولى، فإن الخطوة تمثل رسالة واضحة إلى القوى الكبرى بأن بكين عازمة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في صناعة الطيران العسكري. وإذا ما نجح مشروع “الجناح المدمج” في تجاوز التحديات التقنية والإنتاجية، فقد يشهد العالم ولادة طائرة تنقل الصين إلى عصر جديد من التفوق الجوي، وتعيد رسم خرائط القوة في السماء.

اقرأ أيضاً

روسيا تعزز قوتها الجوية بدفعة جديدة من قاذفات Su-34

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى