الرياضة

عقوبات الجولة التاسعة من دوري Nile.. قرارات صارمة تكشف ملامح موسم مشتعل

في أجواء مشحونة بالجدل الكروي والانفعالات الجماهيرية التي اعتادت مرافقة مباريات دوري Nile منذ انطلاق نسخته الأولى بصيغته الجديدة، أصدرت رابطة الأندية المصرية المحترفة حزمة من العقوبات الثقيلة عقب نهاية الجولة التاسعة من الموسم 2025-2026. القرارات جاءت لتؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الرابطة ماضية في تطبيق الانضباط كركيزة أساسية، مهما بلغت حساسية المباريات أو حجم الأندية المتورطة في المخالفات.

هذه الجولة لم تمر كغيرها، إذ حفلت مباريات المقاولون والكهرباء، والمصري وبتروجيت، والأهلي والزمالك، ومواجهة مودرن سبورت مع فاركو بقرارات صارمة ستبقى حديث الشارع الرياضي لأيام. وبينما يرى البعض أن العقوبات ضرورية لضبط الأمور مبكرًا، يعتقد آخرون أنها قد تزيد من توتر المنافسة، خاصة مع دخول فرق القمة في دائرة العقوبات.

بداية المشهد: لماذا الجولة التاسعة؟

منذ انطلاقة دوري Nile، اعتادت الرابطة أن تصدر بياناتها أسبوعيًا لتوضح العقوبات. لكن الجولة التاسعة كانت مختلفة؛ حجم القرارات وكثرتها أثار انتباه الجميع، إذ لم تسلم مباراة تقريبًا من تسجيل مخالفة أو حادثة تستدعي تدخل لجنة الانضباط.

في كرة القدم، يتكرر مشهد الطرد أو تراكم البطاقات، لكن ما يلفت النظر هو امتداد العقوبات لتطال لاعبين مؤثرين ومدربين أساسيين وحتى أجهزة فنية كاملة، الأمر الذي يزيد من سخونة المنافسة في قادم الجولات.

المقاولون والكهرباء.. مباراة تساوي ثلاث عقوبات

واحدة من أكثر المباريات التي أفرزت عقوبات كانت مواجهة المقاولون العرب وكهرباء الإسماعيلية.

محمد سالم، مهاجم المقاولون، دخل قائمة الموقوفين بسبب تراكم الإنذارات، ليُحرم فريقه من خدماته في المواجهة المقبلة.

لؤي وائل تلقى عقوبة مضاعفة: إيقاف مباراة وغرامة مالية بعد طرده لمنعه فرصة محققة.

أما كهرباء الإسماعيلية، فلم ينجُ لاعب وسطه سيف حسن من العقوبة، بعدما جمع الإنذار الثالث في سجله.

هذه القرارات قد تبدو “روتينية”، لكنها تعكس حجم التوتر الذي صاحب المباراة، إذ لم يخرج أي من الفريقين دون خسارة عناصر مؤثرة.

زد أف سي وحرس الحدود.. إنذارات مكلفة وطرد مثير

مباراة أخرى لم تخلُ من الجدل، حيث تلقى أحمد سيد من زد أف سي عقوبة الإيقاف مباراة واحدة بسبب الإنذارات، بينما كان المشهد أكثر قسوة على حرس الحدود.

محمد أشرف، لاعب الفريق العسكري، طُرد بعد حصوله على إنذارين، لتقرر اللجنة إيقافه مباراة واحدة وغرامة مالية، وهو ما يمثل ضربة مؤلمة لفريق يعتمد على توازنه الدفاعي.

المصري وبتروجيت.. الكوكي في مرمى الانضباط

الفريق البورسعيدي كان الأكثر تضررًا في هذه الجولة. لم تقتصر العقوبات على لاعبيه، بل طالت مديره الفني.

بنهور موجيشا ومحمد مخلوف: كلاهما موقوف للإنذار الثالث، مع غرامة 5 آلاف جنيه.

المدير الفني نبيل الكوكي: عوقب بالإيقاف مباراة واحدة أيضًا للإنذار الثالث، ما يزيد من تعقيد مهمة الفريق الذي يخوض موسماً غير مستقر.

غياب الكوكي عن مقاعد البدلاء قد يكون له أثر مباشر في النتائج، خاصة في المباريات التي تحتاج إلى تدخلات تكتيكية حاسمة.

الطلائع وبيراميدز.. إنذار يكلّف غياب نجم

الطلائع لم يخرج خالي الوفاض، حيث تلقى إسلام محارب عقوبة الإيقاف مباراة واحدة. وعلى الرغم من بساطة القرار، إلا أن غياب لاعب بخبرته قد يؤثر على شكل الفريق في مواجهة قادمة أمام منافسين أقوياء.

مودرن سبورت وفاركو.. “القضية الأكبر” في الجولة

هذه المباراة تحولت إلى العنوان الأبرز للجولة التاسعة.

هاني عبدالله، المدرب المساعد لمودرن، تم إيقافه مباراة واحدة مع غرامة 10 آلاف جنيه بعد طرده بسبب اعتراضه المتكرر.

جابر كامل، لاعب فاركو، كان حديث الإعلام: إيقاف مباراة واحدة للإنذار الثالث، ثم إيقاف إضافي 3 مباريات وغرامة ضخمة 20 ألف جنيه بعد ثبوت تلفظه بعبارات مسيئة داخل الملعب.

محمود السيد، مدرب حراس فاركو، عوقب بدوره بالإيقاف مباراة واحدة وغرامة 10 آلاف جنيه بسبب الاعتراض على الحكام.

هذه العقوبات مجتمعة تجعل فاركو واحدًا من أكثر الفرق تضررًا في الجولة، وتفتح باب التساؤلات حول مدى قدرة الفريق على تجاوز هذه الغيابات.

وادي دجلة وسموحة.. عقوبة روتينية

لم تشهد المواجهة الكثير من الأحداث المثيرة، لكن اللجنة لم تُغفل إيقاف سمير فكري لاعب سموحة مباراة واحدة بعد حصوله على الإنذار الثالث.

الجونة وسيراميكا.. القرار الأخف

قرار وحيد خرجت به هذه المباراة، بإيقاف محمود حسونة لاعب الجونة مباراة واحدة وغرامة 5 آلاف جنيه.

القمة 131 .. الأهلي والزمالك في قلب العاصفة

حتى القمة الجماهيرية لم تسلم من العقوبات.

محمود حسن لاعب الأهلي موقوف مباراة واحدة مع غرامة مالية 5 آلاف جنيه.

عبدالله سعيد لاعب الزمالك يواجه العقوبة نفسها بسبب الإنذار الثالث.

اللافت هنا أن الفريقين الأكبر جماهيريًا في مصر سيدخلان الجولة المقبلة بغيابات مؤثرة، ما يفتح باب النقاش حول تأثير الانضباط على نتائج القمة التقليدية.

المادة 54.. القانون فوق الجميع

الرابطة أكدت أن جميع القرارات جاءت وفق المادة 54 من اللائحة، والتي تُطبّق على اللاعبين والأجهزة الفنية والإدارية والطبية، في إشارة صريحة إلى أن “لا أحد فوق القانون”.

قراءة تحليلية.. ماذا تعني هذه العقوبات للمسابقة؟

1. ضغط على الأندية

الأندية الآن مطالبة بإيجاد حلول فنية لتعويض الغيابات. الفرق الصغيرة قد تجد نفسها في أزمة لعدم امتلاكها دكة بدلاء قوية، فيما قد يضطر الكبار لإعادة النظر في أسلوب لعبهم.

2. رسائل للجماهير

الجماهير التي تطالب دومًا بانضباط المسابقة تلقت إشارة قوية من الرابطة. فحتى الأهلي والزمالك لم يُستثنيا من العقوبات، ما يعزز من مصداقية القرارات.

3. بعد تسويقي للمسابقة

الحزم في تطبيق اللوائح يمنح الدوري صورة أكثر احترافية على المستوى العربي والإفريقي، وهو ما قد يساعد في جذب رعاة ومستثمرين جدد.

4. ضغوط على الحكام

مع تكرار حالات الاعتراض، يبدو أن الحكام سيكونون تحت المجهر في الجولات المقبلة، خصوصًا مع تزايد الغرامات على الأجهزة الفنية.

خلف الكواليس.. أصوات مؤيدة وأخرى معارضة

المؤيدون: يرون أن هذه العقوبات ضرورية لبناء دوري محترف على غرار الدوريات الأوروبية.

المعارضون: يعتبرون أن القرارات مبالغ فيها، وقد تقتل الحماس داخل المباريات.

لكن المؤكد أن الرابطة حسمت الأمر وقررت المضي في طريق الحزم، حتى وإن أثار ذلك بعض الجدل.

وتعتبر الجولة التاسعة من دوري Nile لن تُذكر فقط بسبب نتائجها على أرض الملعب، بل بسبب العقوبات التاريخية التي رافقتها. القرارات لم تفرق بين نادٍ كبير أو صغير، لاعب أو مدرب، بل حملت رسالة واحدة: “الانضباط فوق الجميع”.

ومع استمرار المنافسة، تبقى الأنظار مشدودة إلى كيفية تعامل الأندية مع هذه القرارات، وهل ستنجح في الالتزام مستقبلًا، أم أن الجولة العاشرة ستعيد فتح ملف العقوبات من جديد؟

السيد الأعرج

صحفى مصري متخصص في الملف الرياضى وتغطية الكرة المحلية و العربية و الإفريقية و العالمية والأوروبية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى