طاقة

تقرير تحديات التحول إلى الطاقة النظيفة في كوريا الجنوبية

 

رغم تعهداتها الطموحة بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050، تواجه كوريا الجنوبية عقبات هيكلية وسياسية واقتصادية تعرقل الانتقال من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة. الدولة التي تعد من أكبر 10 ملوثين في العالم ما زالت تعتمد على الفحم والغاز لتوليد أغلب الكهرباء، بينما تشكل مصادر الطاقة المتجددة نسبة ضئيلة من مزيجها الطاقي.

رمز للتناقض المناخي: محطة سامتشوك بلو

على الساحل الشرقي للبلاد، تبرز محطة “سامتشوك بلو” الجديدة التي بدأت العمل في يناير 2025 بطاقة 2.1 غيغاواط، ويتوقع أن تبعث 13 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً. هذا المشروع، الذي قد يمتد عمره لما بعد 2050، أصبح رمزاً للمفارقة بين الخطاب المناخي والسياسات الفعلية.

احتكار الدولة يعطل التحول

يعتمد قطاع الطاقة في كوريا الجنوبية على نموذج مركزي تهيمن عليه الشركة الحكومية “كوبكو” وشركاتها التابعة، ما يخلق بيئة غير مواتية للمستثمرين في الطاقة المتجددة.

حتى وقت قريب، كان على مطوري مزارع الرياح الحصول على 28 ترخيصاً من وزارات مختلفة، ما أدى إلى سنوات من التأخير وارتفاع التكاليف. ورغم إقرار قانون لتبسيط الإجراءات في 2025، إلا أنه لن يدخل حيز التنفيذ قبل 2026.

صراع حول شبكات النقل

تأخر توسع شبكة الكهرباء عن النمو في الطلب، ما أدى إلى نزاعات محلية حادة. في مدينة ميريانغ، واجه السكان محاولات حكومية للاستيلاء على أراضيهم لصالح أبراج نقل الطاقة، مما أسفر عن احتجاجات استمرت ست سنوات. ورغم إصدار “قانون خاص لشبكة الكهرباء” في 2025، يخشى ناشطون أنه يعزز النهج الفوقي القديم ويقلص التشاور المجتمعي.

الصناعات الثقيلة والاعتماد البنيوي على الكربون

نهضة كوريا الجنوبية بعد الحرب اعتمدت على صناعات كثيفة الطاقة مثل الصلب، البتروكيماويات، وبناء السفن. هذه الصناعات، التي تسيطر عليها تكتلات “تشيبول” الكبرى، تتمتع بتأثير كبير على السياسة الوطنية، وتستفيد من كهرباء رخيصة ومستقرة على حساب البيئة.

تناقض في التمويل الخارجي

لا تقتصر المشكلة على الداخل، إذ تموّل المؤسسات الكورية العامة مشاريع وقود أحفوري في الخارج، منها مشروع غاز ضخم في موزمبيق قد ينتج نحو 489 مليون طن من الانبعاثات خلال دورة حياته. كما تظل كوريا من كبار مستوردي الوقود الأحفوري الروسي رغم العقوبات الدولية.

سياسات مناخية غير فعالة

نظام تداول الانبعاثات (K-ETS) الذي أطلق في 2015 فشل في فرض تكلفة حقيقية على الكربون، بل سمح لكبار الملوثين بجني أرباح من بيع حصص الانبعاثات الفائضة، بما مجموعه أكثر من 475 مليار وون بين 2015 و2022.

جيل جديد يرفع دعوى ضد الملوثين

تزايدت الدعوات للتحرك مع ارتفاع وتيرة الكوارث المناخية في البلاد، من فيضانات وحرائق غابات وموجات حر. في 2025، رفعت مجموعة من الأطفال دعوى ضد شركة “بوسكو” لوقف تجديد فرن فحم قديم، معتبرين أن ذلك يضر بحقوق الأجيال القادمة. كما طعن ناشطون في مشروع مجمع أشباه الموصلات الضخم لشركة سامسونغ بسبب استهلاكه الهائل للطاقة.

فجوة بين الطموحات والخطط

رغم إعلان الحكومة خططاً لخفض الفحم ومنع تراخيص جديدة، يرى خبراء أن “الخطة الأساسية للطاقة” تفتقر لتفاصيل عملية لتوسيع الطاقة المتجددة، في حين تأتي خارطة الطريق النووية أكثر تحديداً. التحليلات المستقلة تشير إلى أن السياسات الحالية قد تخفق في تحقيق أهداف 2030 بنسبة 6-7%.

رؤية نحو مستقبل أقل كربوناً

ناشطون مثل “أونبين كانغ” يحلمون بمجتمع لا يعتمد على استغلال الموارد بكثافة، بل على اللامركزية وكفاءة الطاقة، بما يتيح حياة جيدة للجميع دون استهلاك مفرط للكهرباء أو المال.

اقرا ايضا

ازمه المهاجرين في سبتة: محاولات خطيرة لعبور البحر وضغوط على النظام المحلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى