“الحزن الصيفي ليس مجرد أغنية للانا ديل راي… بل واقع نفسي يجب أن نعترف به.
الحزن الصيفي ليس مجرد أغنية

رغم ما يحمله الصيف من وعود بالبهجة والضوء والانطلاق، فإن الشعور بالحزن في عز هذا الفصل ليس فقط شائعًا، بل مدعومًا ببيانات علمية وتجارب إنسانية عميقة. الصيف – بكل صوره المثالية التي نراها في الإعلانات وعلى مواقع التواصل – قد لا يكون دائمًا فصل السعادة التي يُفترض أن نعيشها، بل قد يكون أيضًا موسمًا للقلق، والوحدة، والانفصال عن الذات.
الصورة النمطية… والواقع المتناقض
تحب الكاتبة جيميما كيلي فكرة الصيف: ألوانه، وهجه، ليله الدافئ، وذكريات الطفولة التي يحملها. لكنها في الوقت نفسه تعترف أن التجربة الفعلية للصيف قد تكون مشوشة، ملتبسة، بل حزينة أحيانًا. فحين يُتوقع منك أن تكون سعيدًا ومتحررًا، فإن أي شعور بالحزن يبدو وكأنه خيانة لهذا الفصل “المبهج” – ما يجعل الأمر أكثر وحدة وثقلاً.
الضغوط غير المرئية لفصل المفترض أنه للراحة
القلق في الصيف لا ينبع فقط من حرارة الجو أو صخب المناسبات الاجتماعية، بل من ضغط التوقعات. الناس ينشرون صورًا مثالية على الشاطئ، وأجسامهم تبدو “جاهزة للصيف”، في حين يشعر آخرون بعدم الرضا عن أنفسهم أو حياتهم. حتى عندما نصل إلى عطلة انتظرناها طويلًا، يتسرب إلى وعينا حساب الأيام المتبقية منها، كأننا عاجزون عن العيش في اللحظة.
كيلي تروي حوارًا في حفل زفاف باليونان، حيث اكتشفت أن “قلق نهاية الصيف” لا يخص البريطانيين وحدهم. إحدى الأمريكيات قالت لها:
“أكره يوم الاستقلال، فهو يشعرني وكأن الصيف قد انتهى بالفعل.”
رجل آخر اعترف أنه يبدأ هذا الشعور منذ مايو.
لا… الصيف ليس دائمًا موسمًا للسعادة
الكثير من الناس – لأسباب شخصية أو نفسية – ببساطة لا يحبون الصيف. أصدقاء يعانون من الاكتئاب في يوليو وأغسطس، ثم يشعرون بالراحة في سبتمبر حين ينتهي الضغط غير المعلن: أن تظهر كأنك تستمتع.
ففي الشتاء، هناك مبررات للحزن: الطقس رمادي، النهار قصير، والناس يتفهمون. أما في الصيف، فالشعور بالحزن وسط أشعة الشمس قد يكون أكثر عزلة وإرباكًا.
خرافة “الاثنين الأزرق”… والحقيقة الصادمة
الكثيرون يعتقدون أن أكثر أيام السنة كآبة هو “الاثنين الأزرق” في يناير. لكن الحقيقة أن هذا اليوم اختلقته شركة سفر في حملة دعائية، ولا يوجد أي دليل علمي يدعمه.
المفارقة؟ الإحصاءات تشير إلى أن معدلات الانتحار في الدول ذات المناخ المعتدل ترتفع في أواخر الربيع وبداية الصيف، وليس في الشتاء.
تحليل تلوي عام 2019 شمل 19 دراسة خلص إلى أن كل ارتفاع بدرجة واحدة مئوية في الحرارة يقابله ارتفاع بنسبة 1.7% في معدلات الانتحار.
حرارة الصيف… كيف تحاكي القلق؟
علميًا، تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على الجسم بطرق تحاكي أعراض القلق:
تسارع ضربات القلب
تنفس سريع
ارتفاع الكورتيزول
دوار وغثيان
لذا، لا عجب أن موجات الحر قد تتسبب في نوبات هلع أو أرق أو أمراض جسدية مرتبطة بالتوتر.
اضطراب العاطفة الموسمي… في الصيف أيضًا
المعروف عن “الاضطراب العاطفي الموسمي” أنه يصيب الناس في الشتاء. لكن من المهم الاعتراف بأن الصيف أيضًا قد يُسبب هذا النوع من الاكتئاب، ولو بأشكال مختلفة. ما من سبب يدعونا للاعتقاد أن الصيف هو فصل البهجة المطلقة. فكما تقول كيلي :
“الحزن الصيفي ليس مجرد اغنيه للانا ديل رأي….بل واقع نفسي يجيب أن نعترف بيه ”
خلاصة القول:
نحن بحاجة إلى تفكيك الصورة المثالية للصيف. أن تكون حزينًا في هذا الفصل لا يجعلك “غريبًا” أو “فاشلًا اجتماعيًا”، بل يعكس تعقيدًا نفسيًا حقيقيًا تتشاركه مع ملايين آخرين. الاعتراف بذلك هو أول خطوة نحو تقبل الذات – تحت الشمس أو في ظلها.