الذهب يحقق مستوى قياسي تاريخي بعد الرسوم الأمريكية على السبائك السويسرية
واشنطن تفرض ضريبة 39% وتوجه ضربة لصناعة تكرير الذهب السويسرية

في خطوة مفاجئة هزّت الأسواق المالية العالمية، ارتفعت عقود الذهب الآجلة إلى مستوى قياسي غير مسبوق، بعد تقارير أكدت أن الولايات المتحدة فرضت رسومًا جمركية بنسبة 39% على واردات سبائك الذهب السويسرية، موجّهة بذلك ضربة قوية لصناعة تكرير الذهب التي تتزعمها سويسرا عالميًا.
ضريبة مرتفعة وفشل المحادثات السويسرية
تُعد هذه الضريبة من بين الأعلى التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وجاءت بعد فشل الرئيسة السويسرية كارين كيلر-سوتر في إقناع واشنطن، خلال زيارتها الطارئة، بتخفيف هذه الإجراءات. وقد أثار القرار صدمة واسعة في الأوساط الاقتصادية السويسرية، خاصة بعد كشف وثائق رسمية عن إدراج بعض السبائك المعفاة سابقًا ضمن قائمة الرسوم الجديدة.
قفزة قياسية في أسعار العقود الآجلة
عقب إعلان القرارات، سجلت أسعار الذهب الآجلة للتسليم في ديسمبر 2025 أعلى مستوياتها على الإطلاق، لتصل إلى 3534 دولارًا للأونصة، وسط مخاوف من تأثير هذه الإجراءات على الاقتصاد العالمي، واندفاع المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن في أوقات الاضطرابات التجارية والسياسية. وأكد كريستوف وايلد، رئيس رابطة مصنعي وتجار المعادن الثمينة في سويسرا، أن القرار الأميركي يمثل “ضربة أخرى” للتجارة بين البلدين، منتقدًا خرق واشنطن للتفاهمات السابقة.
صناعة تكرير الذهب في سويسرا على المحك
تحتل سويسرا مركز الريادة عالميًا في تكرير الذهب، حيث تتحكم في نحو 70% من السوق العالمية، وتستورد قرابة 2000 طن سنويًا من البنوك الوسيطة في لندن ونيويورك لإعادة تصنيعها وتصديرها. إلا أن هذه الدورة التجارية تواجه الآن خطر التراجع، إذ أصبحت الصادرات السويسرية إلى أميركا، البالغة قيمتها 61.5 مليار دولار سنويًا، معرضة لضريبة بنسبة 39%، وهو ما وصفته الأوساط الصناعية بـ”الخرق العدواني” للتقاليد الاقتصادية.
اضطراب السوق الأميركية وتدافع على السبائك
أثار القرار الأميركي حالة من الذعر في الأسواق المحلية، حيث ارتفع الطلب على السبائك المادية بشكل ملحوظ، ما دفع متاجر مثل كوستكو إلى فرض حد أقصى للمشتريات اليومية. كما لجأ العديد من الأثرياء الأميركيين إلى تخزين سبائكهم في خزائن آمنة بجبال الألب السويسرية رغم التكاليف الإضافية. ويُعزى هذا الارتفاع في الأسعار أيضًا إلى موجة الرسوم التي يفرضها ترامب على دول حليفة مثل سويسرا وألمانيا وكندا ضمن سياسة “الرسوم المتبادلة”.
رد فعل سويسري عاجل لكنه محدود
عقدت الحكومة الفيدرالية السويسرية اجتماعًا طارئًا، أعربت خلاله الرئيسة كيلر-سوتر عن قلقها العميق من “الوضع الاستثنائي والصعب”، مؤكدة أن القرار الأميركي يهدد قطاعات صناعية حيوية وفرص العمل، خاصة في مجالات الساعات الفاخرة والذهب والمعادن الثمينة. ورغم ذلك، تمسكت سويسرا بخطط شراء مقاتلات F-35 ونظام الدفاع الصاروخي باتريوت من الولايات المتحدة، معتبرة أن أمنها القومي لا يحتمل التراجع.
تصعيد يفتح أبواب أزمة تجارية مفتوحة
يكشف فرض الرسوم الأميركية على السبائك السويسرية عن تصعيد تجاري غير مسبوق قد يعيد رسم خريطة تجارة المعادن الثمينة عالميًا. ومع تزايد حدة الخلافات السياسية بين ترامب وحلفائه الأوروبيين، وصعود النزعة الحمائية في السياسة الأميركية، تتجه الأسواق المالية نحو مزيد من الاضطراب، فيما تجد سويسرا نفسها في قلب مواجهة تجاريةليست طرفًا مباشرًا فيها.